ما يريده «تحالف الأقليات» !
كل الذين أبْدوا ويبدون إرتياحاً إزاء ما يعتبرونه «إنتصارات» حققها بشار الأسد، أو التي حققها له الروس والإيرانيون، وأغلب الظن وليس بعض الظن، لأن بعض الظن إثم، أن هؤلاء ينتمون ولو وجدانيا لفيلق ما يسمى: «تحالف الأقليات»، يريدون أن يبقى الإيرانيون هم جوار بلدنا، المملكة الأردنية الهاشمية، من الجهة الشمالية لأن:» إخوتنا في الشمال» الذين نعرفهم، والمقصود هنا هو النظام وليس الشعب السوري الشقيق العظيم، قد أصبحوا مجرد شهود زور على ما يجري في هذا البلد العربي «القطر العربي السوري» فالذي يحكم ويرسم فيه أولاً الروس وثانياً قاسم سليماني ومعه هادي العامري.
كان يجب أن يدرك هؤلاء، وهم لن يدركوا لأن فيلق «تحالف الأقليات» لا يريد أن يدرك ويعرف حقائق الأمور، أنَّ هناك وجوداً إيرانياً في سوريا (العروبة).. في دمشق القديمة على وجه التحديد وأن العاصمة الأموية لم تعد تتكلم عربياً وإنما فارسياًّ ومن يشك في هذا فإن عليه :»أن يخْطُف» رجله، مادام أنه مرحب به هناك، وأن يزور أول عاصمة عربية ويقوم برحلة إستطلاع مشياً على قدميه من باب توما وحتى مسجد بني أميه ليرى بعينيه وليسمع بأذنيه وليتأكد من أن الفتى العربي في هذه المنطقة بات غريب الوجه واليد واللسان !!.
هناك مسيرات يومية «ترطن» باللغة الفارسية وبأصوات إستفزازية مرتفعة تتوقف عند المسجد الأموي لتشتم كل التاريخ العربي الذي نفخر به ولتلعن إثنين من الخلفاء الراشدين وتشتم معاوية بن أبي سفيان الذي هو أحد كتاب الوحي ولتطلق صيحات طائفية ومذهبية بالإمكان من غير المستبعد أن يتخذها «تحالف الأقليات» نشيداً له .
بشار الأسد في آخر خطاب له أمام عدد من موظفي وزارة خارجيته يقول وبالفم الملآن إن ما جرى خلال السنوات الماضية منذ عام 2011 قد حقق الإنسجام الإجتماعي في سوريا وهو يقصد إن أهم نتائج هذه الحرب المدمرة هو أن الأكثرية «السنية» قد خسرت أكثريتها وهذا ما عناه الذي يعتبره «تحالف الأقليات» مبعوث العناية الإلهية بحديثه عن «الإنسجام الإجتماعي»!!.
إن سوريا التي نعرفها والتي يعرفها الشعب السوري قد تغيرت كثيراً وأن هذا هو الذي قصده بشار الأسد بحديثه عن «الإنسجام الإجتماعي» الذي حققته هذه الحرب المدمرة والذي أخطر ما فيه كنتيجة لتدخل إيران وروسيا العسكري والسياسي .. وكل شيء هو التغيير الديموغرافي الذي لا يزال مستمراً ومتواصلاً والذي رافقه إقامة مستوطنات إيرانية طائفية وفي دمشق نفسها ومثلها مثل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية .. في فلسطين.
وهكذا فإن «إنتصار» بشار الأسد، وهو لن ينتصر إطلاقاً، سيعني أن من سيكون على حدودنا الشمالية من الجهة الأخرى هو حراس الثورة الإيرانية وهو الحشد الشعبي الإيراني وسيعني أيضاً أن «الإنسجام الإجتماعي»، الذي تحدث عنه هذا الذي لا يزال يصفه البعض بأنه رئيس سوريا قلب العروبة النابض، أنَّ فئة طائفية ومذهبية ستكمل إنفرادها بالحكم وهذا معناه أن هذا الصراع المحتدم الآن لا يمكن إخماده فالأكثرية التي تم إستنزافها بالقتل والتشريد وبالتغيير الديموغرافي لا يمكن أن تستسلم لهذه المعادلة الجديدة التي تجري صياغتها الآن وهي ستبقى تواجه كل هذه التحديات لوجودها وستقاتل إلى آخر إنسان فيها وإنْ رجلاً أو إمرأة فهذا الصراع بالنسبة لهذه الفئة التي تسعى المؤامرة إلى تحويلها إلى أقلية مضطهدة هو صراع وجود وهو صراع لن يبقى يشكل الروس والإيرانيون فيه القبضة الحديدية .
الراي 2017-09-10