لماذا الإصلاح الاقتصادي؟
لو كانت (الأمور) الاقتصادية والمالية تسير بالاتجاه الصحيح كما تقول الحكومة، فما حاجتنا إلى برنامج للإصلاح الاقتصادي، ولماذا لا نترك تلك (الامور) لتقوم تلقائياً بتصحيح أي خلل نعاني منه.
الواقع أن (الأمور) لم تكن تسير بالاتجاه الصحيح، بل الخاطئ وبشكل مستمر عاماً بعد آخر، لدرجة أننا اعتدنا على أن المديونية لا تعرف اتجاهاً غير الصعود، والعجز في الموازنة لا يعرف اتجاهاً إلا الاتساع، ومعدل البطالة لا يعرف اتجاهاً إلا الارتفاع، ومعدل النمو الاقتصادي لا يعرف اتجاهاً غير التراجع أو التباطؤ، وهكذا...
كان لا بد من وضع حد لهذا الاتجاه قبل أن ياخذنا إلى درجة الأزمة، وكان لا بد لهذا الإصلاح من أن يكون مقنعاً ليس لنا فقط بل أيضاً للدول المانحة والبنوك المقرضة.
بالرغم من أن حكومة الدكتور عبد الله النسور صحت ولو متأخرة لهذه الأزمة الزاحفة، فقد قامت بالإجراء الصحيح وهو استدعاء صندوق النقد الدولي، ليس ليخترع لنا حلولاً فنحن نعرف هذه الحلول، ولكن ليعمل كمراقب يقيس التقدم، ويخرج بقناعة أننا أصبحنا نسير بالطريق الصحيح، فيقول ذلك في شهادته التي تتمتع بالمصداقية.
من المبكر الحديث عن مدى النجاح الذي حققه البرنامج في سنته الاولى، ولو أن رئيس الحكومة أكد أن السنة الأولى من التطبيق أسفرت عن انخفاض العجز وهبوط معدل المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي، الامر الذي يدل على أن بالإمكان أن ينعكس الاتجاه الخاطئ ويعود إلى مجراه الصحيح.
يبقى أن تظهر الحكومة الأردنية التزاماً حقيقياً وإرادة قوية في اتخاذ القرارات المطلوبة ولو كانت صعبة، فالإصلاح له ثمن لا بد من دفعه.
إرادة الحكومة وصدقها في عملية الإصلاح الاقتصادي يمكن قياسها بالموقف من وزارة المالية التي تحتاج للدعم من جميع الجهات بدلا من محاولة تجاوزها وتركها هدفاً لسهام قوى الشد العكسي.
معظـم العيـوب والاختلالات التي جـاء البرنامج للتعامل معها تقـع ضـمن اختصاص وزارة المالية، بما في ذلك الموازنة والمديونية وتحفيز النمو، ولكن الوزارة ما زالت حتى الآن متروكة عرضة للسهام ليس من الخصوم فقط بل من الأصدقاء أيضاً، وليس بسبب التقصير بل بسبب القيام بالواجب.
الراي 2017-09-27