فساد (نتنياهو) والعائلة والزملاء: هل من جديد؟
يتوقع عديد المحللين والسياسيين الإسرائيليين هزة سياسية في إسرائيل قد يواجه فيها رئيس حكومة الاحتلال اليميني المتطرف (بنيامين نتنياهو) مصير سابقه (إيهود أولمرت)، تنهي عمله السياسي، غارقا في مستنقع الفساد مع التطورات المتسارعة يوميا في ملفات قضايا الفساد الكبرى الثلاث المتهم بها وزوجته وعدد من أبرز زملائه، وكلها تتصل بالفسادين الخاص والعام، خاصة مع اعتزام الشرطة الإسرائيلية التحقيق معه مجددا بعد انتهاء الأعياد اليهودية منتصف تشرين الأول المقبل في ظل اتهامات جديدة موجهة له بالتورط بقضيتي فساد.
مؤخرا، لا (نتنياهو)، ولا حزبه الحاكم «الليكود»، استمرا في الاستخفاف بهذه القضايا. ففي الوقت الذي اضطر فيه بعض وزراء الحزب للخروج عن صمت طويل والإعلان عن دعمهم (لنتنياهو)، بدأ آخرون بالتفكير في اليوم التالي بعد رحيل (نتنياهو)، حيث أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «مسؤولين كبارا في الليكود بدأوا الاستعداد لاحتمال حدوث هزة سياسية كبيرة: انتخابات، تشكيل حكومة بديلة في حال تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، وطبعا – صراع على الورثة». ونقلا عن هؤلاء أضافت الصحيفة: «في حال تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة بتهمة خطيرة، فإنهم لن يواصلوا دعمه. وربما لن يسمح الحزب له بالبقاء». بالمقابل، قال رئيس الحكومة الأسبق (إيهود باراك): «نتنياهو يمارس سياسة غض الطرف عن الفساد المتجذر في الحكومة الإسرائيلية، ويعمل ضمن خطة تهدف لطرد من يحارب الفساد، وتعيين المقربين منه الذين ينصاعون له، وهذا ما لم يحصل في تاريخ إسرائيل». وختم (باراك): «الأسوأ من كل ذلك أن نتنياهو يهدف إلى الحفاظ على بقائه في السلطة أطول فترة زمنية ممكنة، ولذلك فإن الرد الحقيقي على هذا التدهور يتمثل أولا في الإطاحة بنتنياهو، ومن ثم البحث عن قيادة إسرائيلية من طراز جديد».
رئيس حزب «هناك مستقبل» (يائير لبيد) اعتبر أن: «اليمين يحاول رسم الأمر وكأنه صراع سياسي يقوده اليسار ضد رئيس الحكومة. هذا ليس صراعا سياسيا. كل الضالعين في مواضيع الفساد تم تعيينهم من قبل نتنياهو». وقال: «إذا تم تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو، فإنه لا يمكنه مواصلة شغل منصبه كرئيس للحكومة». أما رئيس حزب «العمل» (آفي غباي) فيرى أن «هناك شبكة فاسدة تعمل ضد أمن دولة إسرائيل. هناك ثقافة حكومية فاسدة، ومن يحدد هذه الثقافة هو من يقف على رأس الحكومة. نحن في ذروة أزمة وفي بداية تصحيح سينظف عفن عقد زمني». ومع ذلك، تشير التقديرات الخبيرة في إسرائيل أن الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم لن تمارس ضغوطا على (نتنياهو)، بل – كعادتها–ستسعى لابتزازه وتحقيق مكاسب سياسية توسعية وغير ديموقراطية بل فاشية، دون التسبب بإسقاط الحكومة. وهذا الواقع أكدته قرارات (نتنياهو) الذي غير مؤخرا مواقفه من قضايا عدة متبنيا مواقف تطرحها أحزاب الائتلاف المتطرف، على رأسها فرض عقوبة الإعدام على فلسطينيين أدينوا بتنفيذ عمليات، وتأييد ما يعرف باسم «قانون القدس» الذي يشترط تأييد ثلثي أعضاء الكنيست (80 عضوا) للمصادقة على انسحاب إسرائيلي من القدس المحتلة أو مناطق منها.
من جانبه، كتب (ناحوم برنياع) يقول: «أقول منذ زمن أن من سيسقط نتنياهو هو نتنياهو نفسه، ليس غباي أو لبيد، بل نتنياهو. الاسم الشخصي قد يكون يئير (ابنه) أو سارة (زوجته) أو بنيامين أو جميعهم معا. محرك التدمير الذاتي يعمل بقوة وليس هناك من يستطيع إيقافه». أما (يوسي فيرتر) فكتب يقول: «نتنياهو لم يتعلم شيئا من سقوط سلفه (إيهود أولمرت). وقد تصرف بغباء وعدم حذر وفقد الكوابح والأخلاق. لكن طبيعة شخصيته، والسنوات الطويلة في الحكم، وشعوره بأنه كل شيء وما دونه صفر، والثقة الزائدة بأنه سيبقى على عرش رئاسة الحكومة طالما أنه يرغب في ذلك، كل ذلك أدى به إلى الطريق المعوجة التي ستتسبب بنهايته السياسية».
أما الكاتب اليساري (جدعون ليفي) فإنه–كعادته–وضع اصبعه على طبيعة «إسرائيل» اليمينية السائدة منذ سنوات طوال حيث قال: «سيبقى نفتالي بينيت واييلت شكيد وافيغدور ليبرمان... وستبقى كراهية العرب». ويضيف شارحا: «كم من المغري التفكير بأن نتنياهو هو وحده الذي سيتغير وأن إسرائيل ستصبح دولة أخرى مثلما حلمنا، وأن اليوم التالي لنتنياهو سيكون فجر يوم جديد، تختفي فيه كل الأمور السيئة. كم من الممتع التفكير بأن من سيأتي بعد نتنياهو سيكون أفضل منه، وأن رئيس الحكومة المقبل سيبشر بالأمل، وأن سنوات حكم اليمين الديني قد انتهت، وأنه لا يمكن أن يأتي من هو أسوأ من نتنياهو، المهم أن ننتهي من بيبي وعائلته القيصرية فتصبح إسرائيل مكانا أكثر عدلا، وأن إسرائيل بدونه ستكون غير قومية متطرفة وغير عنصرية، وليست محتلة وليست فاسدة، وليست متعالية وليست عنيفة. ولكن هذا الانجرار بعيد عن الواقع». وختم: «إن طرد نتنياهو لن يحررنا من أي شيء، باستثناء التخلص من زوجته وابنه. والأمر المؤكد هو أن نتنياهو سيذهب والاحتلال الإسرائيلي سيبقى. نتنياهو سيذهب وإسرائيل ستبقى مثلما كانت دائما دولة احتلال».
الراي 2017-09-29