الأردن من دولة صغرى إلى دولة متوسطة
لم يعد الأردن دولة صغرى كما كان في الماضي، حيث كنا نتطلع للقدوة عند الدول الصغرى الناجحة مثل سنغافورة. كان ذلك عندما كان عدد السكان يقل عن خمسة ملايين، ولكنه تضاعف الآن مما أخرج الاردن من قائمة الدول الصغرى ونقله إلى قائمة الدول المتوسطة كما كان قد انتقل قبل ذلك من قائمة الدول الفقيرة إلى قائمة الدول متوسطة الدخل.
هذا التحول قد لا يكون له مثيل في سرعة التطور والنمو، خاصة إذا عدنا إلى ماض أبعد.
في هذا المجال ما زلت أذكر كتاب الجغرافيا للصف الثالث الابتدائي في أوائل أربعينات القرن الماضي الذي ذكر أن عدد سكان عمان 35 ألف نسمة وأن عدد سكان (الإمارة) 350 ألفاً.
هذه الأرقام المتواضعة تضاعفت 27 مرة لغاية عشرة ملايين، وأكثر من مئة مرة لغاية أربعة ملايين في العاصمة عمان.
الزيادة الطبيعية للسكان عالية جداً، ولكنها لا تكفي لتفسير هذه النقلة الكبيرة، فقد أصبح الأردن ملجأ وملاذاً دائماً أو مؤقتاً لعدة شعوب شقيقة في مقدمتها فلسطين وسوريا ومصر والعراق وغيرها الذين ضاعفوا الحجم السكاني للبلد.
الموارد الطبيعية لم تكن تنمو لتلبية الطلب المتصاعد، بل على العكس كان بعضها ينضب ، ومع ذلك فإن مستوى المعيشة الراهن ارتفع لدرجة لا يقارن بما كان عليه في وقت من الأوقات.
هنا تأتي نظرية أن السكان قوى إنتاجية بالدرجة الأولى، وربما كانوا المصدر الاول، فالإنسان هو رأس المال الحقيقي للأردن، ولكن هناك حدودأً لما يمكن الذهاب إليها من النمو السكاني في ظل الموارد المحدودة مما يستدعي قدراً من التنظيم.
نمو السكان في ظل ثبات الموارد الاقتصادية دفع الأردن للانفتاح على العالم، فلم يعد دولة معزولة تتحدث عن الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي بالمعنى الضيق لتصبح جزءاً من عالم اليوم.
من أهم موارد الأردن الخارجية: المغتربون، المنح الخارجية، صادرات الخدمات وخاصة في مجالات السياحة والعناية الصحية والتعليم العالي والأمن وغيرها.
يبقى أن مكانة الأردن العربية والعالمية تزيد كثيراً عن حجمه السكاني والاقتصادي، الأمر الذي لم يحدث بالصدفة.
الراي 2017-09-29