سرقة الكهرباء.. وفيديو إربد
لا يهمني من هم الذين سرقوا الكهرباء في مزارعهم، لا تهمني أسماؤهم ولا مناصبهم وماذا يفعلون؟!
ما يهمني أن أكون كأردني واثقا بأن العدالة ستأخذ مجراها، وأن لا أحد فوق القانون، وأن المخالفين سينالون عقابهم؟
وتهمني في قضية سرقة الكهرباء والمياه التي تتكرر يومياً؛ لماذا يحدث هذا الأمر في بلادي ولا نسمع به في أكثر البلاد الأوروبية، دلالات ذلك ربما تكون أكثر أهمية من التوقف عند تفاصيل كيف حدثت السرقة؟
الناس تريد أن تعرف من هؤلاء الذين سرقوا مولّدات الكهرباء العملاقة منذ سنوات ولم يصلوا لهم، ثم مدوا خطوطاً مخالفة للكهرباء لكيلومترات واستمروا في سرقتهم لسنوات دون أن يُكتشفوا!!
مهم جداً أن يتابع الأردنيون مسار هذه القضية ليعرفوا مآلاتها، فهناك من يثير شكوكاً حول توقيت إثارة هذه القضية. كما أنه من حق كل من زجّ اسمه بالقضية ظلماً أن ينتفض غضباً على سمعته، والتشهير به، ومن حقه اللجوء للقضاء لإنصافه مما لحق به، وملاحقة من أساء له، غير أنني ما أزال عند وجهة نظري بأن الشخصيات العامة يجب أن تتحمل ما تتعرض له، فهذا ثمن لتصديها للعمل العام.
في زمن وسائل التواصل الاجتماعي أصبح من الصعب إخفاء الحقائق أو "لفلفة" القضايا، فهناك ملايين العيون ترصد كل ما تقوم به الحكومة وكل الأجهزة التنفيذية، وهذا الشارع الذي يمسك "الزناد" على "الموبايل" ليكتب ويوثق ليس متعاطفاً مع الوزراء والنواب والأعيان، ويراقبهم ليرى هل يُسألون مثلما يحدث معه ومعهم؟
تتكرر وستتكرر كل يوم العديد من القضايا مثل سرقة المياه والكهرباء وحتى الآن لم نتعلم في الأردن أن غياب المعلومات ذات المصداقية السبب الأول لانتشار الإشاعات وحدوث فوضى في تدفق المعلومات.
ما لم تدرك الحكومة ضرورة وجود محترفين يديرون التواصل مع الناس وتقديم المعلومات أولاً بأول فإن التخبط والوقوع في شرك الشائعات سيسود.
***
إيقاف مدعي عام الشرطة 13 شخصاً أغلبهم من مرتبات مفرزة البحث الجنائي في محافظة إربد على ذمة التحقيق والاشتباه بضربهم الدكتور محمد أبو دولة الذيابات خطوة مهمة لتعزيز سلطة القانون وعدم الإفلات من العقاب.
السؤال الذي يطرحه الناس ماذا لو لم يكن هناك تصوير لواقعة الاعتداء، ماذا لو لم تكن هناك كاميرات صَورت ما حدث، فهل سيُعتدّ برواية الذيابات لو تقدم للأمن واشتكى بأنه تعرض لاعتداء من رجال الأمن.. هل كانت إجراءات التحقيق ستَتخذ ذات المسار؟
هذه القضية تفتح الباب لأسئلة مثل أن رجال الأمن العام ليسوا محصنين من الخطأ ويجب أن تخضع تصرفاتهم وسلوكهم للمراقبة، ولذلك كنت ممن تشجعوا وأيدوا حين فرض مدير الأمن العام وضع كاميرات على ملابس رجال الأمن العام وسياراتهم لتوثق كل ما يحدث.
لو كنت مكان الحكومة والمسؤولين في جهاز الأمن العام لاعتبرت ما حدث فرصة لإنجاز ثلاث خطوات، الأولى أن يُعدّل القانون ليساءل ويحاكم رجال الأمن العام أمام المحاكم النظامية أي القضاء المدني، وثانياً أن يُعاد تعريف التعذيب والمعاملات اللاقانونية وتغلظ العقوبات بما يتفق مع المعاهدات الدولية، وثالثاً أن نضمن أن لا يفلت أحد من العقاب مهما كان، وبهذا نعيد الاعتبار لمكانة الأردن وهيبة القانون والعدالة.
الغد 2017-10-08