بوتين يلهث في سوريا

تم نشره الأحد 08 تشرين الأوّل / أكتوبر 2017 01:09 صباحاً
بوتين يلهث في سوريا
ياسر زعاترة

كل صيحات الانتصار التي يطلقها الروس في سوريا لا تخفي حقيقة المأزق الذي يعانونه هناك، وسط حرصهم الشديد على التوصل إلى حل قبل كأس العالم في 2018، وللخروج من هواجس التورط الطويل أيضا.

ما يُعلنون عنه من خسائر ليس حقيقيا، إذ هناك ما يتم إخفاؤه بكل تأكيد، ونحن هنا لا نتحدث عن دولة ديمقراطية ينكشف فيها كل شيء، بل عن دولة بديكور ديمقراطي يتحكم بها ضابط دكتاتور؛ لا يطارد خصومه ويسحقهم في الداخل وحسب، بل يقتلهم في المنافي أيضا من دون أن يرفّ له جفن.

حين تكتب وكالة روسية هي أقرب إلى الوكالة الأمنية (سبوتنيك) عن زيارة العاهل السعودية لموسكو باعتبارها مبشرة بنهاية الحرب في سوريا، فهذا يعكس حجم المأزق الذي تعيشه موسكو في سوريا رغم تفوقها من الناحية العملية.

ليس العجز عن تحقيق حسم عسكري هو وحده المأزق الذي يعيشه الروس في سوريا، وإن بدا أنه يكفي وحده لكشف الأزمة، فهناك قبل ذلك وبعده التناقضات الكامنة مع إيران وأدواتها من جهة، ومع الكيان الصهيوني من جهة أخرى.

ليس بوسع روسيا أن تقبل بأحلام إيران في سوريا، فالزمن لن يعود إلى الوراء، ولن تستعيد طهران سيطرتها المطلقة على سوريا التي كانت تتمتع بها قبل الثورة، وهي (أي إيران) حين استدعت الروس، كانت تدرك ذلك، لكن “الولي الفقيه” في طهران لا يقبل أيضا بأن يوقف الروس مشروع تمدده في المنطقة، والذي تمثل سوريا ركنه الأهم. وهنا ينشأ التناقض الكبير بين الطرفين، والذي يعززه بطبيعة الحال الحضور الصهيوني الرافض للهيمنة الإيرانية، وحيث لا يرغب بوتين في الدخول في مشكلة أخرى مع الكيان الصهيوني، هو الذي يدرك قدراته على إثارة الكثير من المتاعب له في الأروقة الدولية، وبخاصة عبر نفوذه في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية.

الجانب الآخر في المأزق هو شعور بوتين بأن الولايات المتحدة تلاعبه في سوريا، وهي معنية بإطالة نزيفه وورطته، لا سيما أن واشنطن ليس لديها ما تخسره هناك، بل إنها وجدت في الأزمة ما يعزز نفوذها في مكان لم يكن لها فيه أي نفوذ من قبل، وهذا ما سيدفعه إلى إيجاد تفاهمات مع الدول التي يعتقد أن بوسعها أن تساعده في سوريا، وبخاصة تركيا والسعودية وقطر، لكن مساعدة من هذا النوع لن تكون بلا ثمن، والثمن الأهم هو تقليم أظافر إيران في سوريا، وهنا يتعزز التناقض مع المحور الإيراني.

كل ذلك يؤكد ما نقوله مرارا من أن سوريا لن تعود إلى ما كانت عليه قبل الثورة، وهذه الصيحات التي يطلقها التحالف الإيراني لا تعدو أن تكون احتفالا مبكرا بالنصر، كما أن استمرار النزيف الروسي، سيدفع موسكو إلى تقديم تنازلات أكبر للتوصل إلى الحل، وهي تنازلات لن تفضي إلى حل مع بقاء الدولة الأمنية الطائفية القديمة، وإذا لم يتحقق ذلك، فالنزيف سيطول أكثر فأكثر؛ لأن حروب العصابات في زمن العنف الرخيص تبدو أكثر تأثيرا من حروب الجيوش في ظل سيطرة مكانية. نعم سيطول النزيف حتى يتعب الجميع، ويقبلوا بالتسوية المتوازنة التي تحقق الحد الأدنى من مطالب جميع الفرقاء، وفي مقدمتهم الشعب السوري، أو غالبيته المضطهدة بتعبير أدق.

الدستور 2017-10-08



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات