ما هو أصعب من سلاح المقاومة
رغم محاولات الوسيط المصري الضامن للمصالحة تأجيل الحديث في مسألة سلاح المقاومة، ورغم تفاهمات صريحة وضمنية على تأجيل هذا الموضوع، إلا أن طرفي المصالحة، إن جاز التعبير، لا يقاومان إغراء الحديث في الموضوع، أو لا يقاومان الحاجة لذلك. في الواقع إن هناك حلولاً ممكنة لهذه المعضلة، إلا أنّ الأهم أن طرفي المسألة لم يجيبا عن الأسئلة الحقيقية التي يطرحها موضوع السلاح.
وبينما أكد موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية (حماس)، أن "قضية تسليم أسلحة حماس للسلطة الفلسطينية لم تطرح للنقاش خلال لقاءات المصالحة بالقاهرة، وأن مقاومة المحتل حق أصيل للشعب الفلسطيني لا يمكن التخلي عنه"، فإنّ نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، قال في أثناء زيارته إلى إيران "لا شك أن قوى المقاومة متمسكة دوما بسلاحها، ولن تلقيه جانبا، ونحن نسعى إلى إقرار التوازن السياسي، وهذه مهمة صعبة، ألا أننا سنبذل قصارى جهودنا حتى تحقيق هذا الهدف". امّا سامي أبو زهري، عضو وفد "حماس" برئاسة العاروري، لطهران فقال "إن هذا الموضوع لم يطرح على طاولة النقاش ومن غير المقبول ان يكون مطروحا، فسلاح المقاومة يوجِد توافق وطني حوله ومرتبط بوجود الاحتلال، طالما أن هناك احتلالا فمن الطبيعي ان يمتلك الشعب السلاح لتحرير بلده".
هذه التصريحات قد تبدو نقطة خلاف في درب المصالحة، ولكن مواقف قيادات حركة "فتح" لا تبدو مختلفة، ظاهرياً، فأكثر من مسؤول أصدر تصريحات، يمكن أن يلخصها ما قاله بركات الفرا، الذي وصفته صحيفة "الشرق الأوسط" بمسؤول "فتح" السابق في القاهرة، الذي قال للصحيفة، إن المصالحة لا تستهدف نزع سلاح "حماس"، غير أنه "يجب أن يكون هناك سلاح واحد فقط، ويكون قرار المقاومة صادراً من منظمة التحرير الفلسطينية وبشكل جماعي، ويكون معبراً عن الفصائل كافة، لأنها مسألة تتعلق بالمشروع الوطني الفلسطيني، وإلا فستكون المسألة أقرب إلى الفوضى".
لا شك أنّ التمييز بين سلاح المقاومة، وبروز هذا السلاح في الشارع، والحياة اليومية، هو من المسائل التي يمكن أن تكون نقطة للتفاهم والتسوية، فوحدانية السلاح تعني بالضرورة أن لا تكون هناك ازدواحية في حفظ الأمن الداخلي، وأن لا يجري استخدامه في الحياة المدنية. من جهة ثانية، أيضاً، يأتي أيضاً قرار الحرب والسلم، أي أن لا يبدأ طرف عملا يؤدي لحرب أو مواجهة عسكرية، دون توافق، وهذا الأمر أقرت به قيادات "حماس" وأعلنتها، ومن ذلك إعلان العاروري ذاته لهذا، في مناسبات منها لقاؤه مع صحيفة "القدس" المقدسية مؤخراً.
بمعنى أنّ مسألة السلاح يمكن حلها، وغالبا ستؤجل بترتيبات تضمنها مصر، وتنتظر انتخابات جديدة، مع ربما تفاهمات تحكم المرحلة الانتقالية، ويمكن فعلاً أن تحل هذه المشكلة، ولكن الأهم من هذا أنّ الاحتفاظ بالسلاح لا يعني أنّ هذا يحل المشكلات المختلفة.
فالسؤال الذي على "حماس" أن تجيب عنه، هو أنّ الاحتفاظ بسلاح المقاومة مفيد، لأسباب منها الردع ومنع العدوان الإسرائيلي، ولكن الحركة ذاتها حظرت استخدام هذا السلاح إلا للدفاع والردع، أغلب السنوات القليلة الفائتة، في قطاع غزة، ولا يعقل أن يكون هناك نية للاستخدام الهجومي بعد ترك الحركة للحكم المدني، أو القبول بالشراكة فيه، والأمر ذاته ينطبق على العمل من الضفة الغربية، فما هي الاستراتيجية البديلة، أو المتممة، لدى "حماس" للتحرير والمقاومة؟
حركة "فتح" التي يميل أعضاء فيها، ربما لا يكون الرئيس محمود عباس منهم، لقبول التمييز بين سلاح المقاومة، ووحدانية سلاح الأمن الداخلي، لا بد أن تجيب أيضاً عن أسئلة، مثل ما هي سبل ردع الاعتداءات الإسرائيلية اليومية، على المؤسسات والأفراد في مختلف مناطق السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية). وإذا أريد تقييد السلاح في غزة، فمن سيردع العدوان الإسرائيلي هناك، وإذا كان السلاح سيستمر بالوجود، فهل ستشكل "فتح" جناحها العسكري هناك؟ وما هي استراتيجية الاستقلال المقبلة، وما هو الدور الشعبي فيها؟
يعتبر سلاح المقاومة قضية أقل صعوبة نسبياً، من أسئلة مثل البدائل الاستراتيجية للمقاومة في المرحلة المقبلة.
الغد 2017-10-24