المدن بأهلها عمان القديمة والجديدة

تم نشره الثلاثاء 24 تشرين الأوّل / أكتوبر 2017 01:09 صباحاً
المدن بأهلها عمان القديمة والجديدة
رمزي الغزوي

عمان الجديدة المطروقة على أبواب التفكير والتمني تحتاج شاعراً؛ ليكون أميناً لها. مع أن هذا الرأي سيدخلني في اشتباكين اثنين معاً. الأول مع نقابة المهندسين التي ستحتجُ على تعيين من لا يكون عضوا فيها. والاشتباك الأصعب، مع الفيلسوف أفلاطون، صاحب المدينة الفاضلة، الذي طرد الشعراء، عندما صمم مدينته (الخيالية)، ولم يترك لهم (مفحص قطاة)، أو مكاناً للقرفصاء أو القرمزة (طريقة جلوس مختصرة). 
المدن العظيمة لا تقيمها الجسور المعلقة، ولا ترفعها الأبراج ماخرة الغيوم، وملامسة النجوم، المدن العظيمة لا تسير أعمالها الأنفاق الذكية، والشوارع النظيفة اللامعة ذات البهجة، فحسب. بل المدن تحتاج إلى خيال خصب، جموح، طموح، يمازج واقعها، حتى لو كان بائساً، ليضفي عليه لمسات خلاقة مبتكرة، ببصمة فريدة.
مدينتنا الموعودة تحتاج إلى خيال شاعر، حتى ولو لم يكتب شعراً، تحتاج شاعراً (ليؤنسن) فيها كل شيء: يؤنسن شجرها إن كان بها شجر، وأرصفتها وحدائقها وشوارعها. فالمدن ليست اسمنتاً وحديداً وأسقفاً مُقرمدة. المدن نساء عامرات بالأنوثة والخصب والحب.
فمن يتأمل راية عمان القديمة يحتاج لقلب شاعر، كي يلتقط إشاراتها ليختصر تاريخا يمتد لأبعد من تسعة آلاف عام، أي منذ تجمعات (عين غزالة) وقريتها الأولى في الألف السابع قبل المسيح عليه السلام. ونحتاج لهما معاً، العين والقلب، لنقرأ أن الراية بيضاء لنقائها، وجبالها مختلفة الألوان، فأهلها جاؤوا من أعراق ودماء وديانات مختلفة، ومع هذا ظلت منسجمة متناغمة. 
وقد يكون أن النصيحة الأولى التي ستقدم لمن يفكرون بعمان جديدة منفصله عن عماننا القديمة، أن تنشئ بنيتها التحتية متوافقة مع تصفير الازدحام والتلوث البصري، وتقلص حجم الإسمنت المدلوق في سمائها لحساب الشجر والحدائق والمسطحات الخضراء، وجعلها مدينة يقع المرء في حبها من أول خطواته فيها. 
ورغم جوهر تلك النصائح الثرية إلا أنني مع أن (منظومة السلوك المدني) هي الأولى والأهم دائما حينما يفكر في إقامة المدن. فالمدن بأهلها وأخلاقهم وقلوبهم، فلا تنظف مدينة إلا إن كان أهلها كذلك، ولا تشعر بودها وحنانها، إلا إذا ربينا مواطناً يتمتع بمنظومة حيوية مفعمة بالخير والإنسانية.

الدستور 2017-10-24



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات