إسـرائيل تقصف «نفــق المصالحـــة»

تم نشره الأربعاء 01st تشرين الثّاني / نوفمبر 2017 12:33 صباحاً
إسـرائيل تقصف «نفــق المصالحـــة»
عريب الرنتاوي

رسالتان داميتان ومدويتان، بعثت بهما إسرائيل إلى الفلسطينيين عموماً، وأهل غزة على وجه الخصوص: الأولى؛ وتتمثل في محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها اللواء توفيق أبو نعيم قائد القوى الأمنية في غزة (حماس) قبل عدة أيام ونجا منها باعجوبة... والثانية، استهداف نفق لسرايا الجهاد أمس الأول، ما أسفر عن استشهاد ثمانية فلسطينيين وإصابة عدد آخر بجروح.

الحادثة الأولى، ما زال يشوبها بعض الغموض والالتباس، مع أن الفصائل الفلسطينية الرئيسة، توجهت بأصابع الاتهام للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، حتى وإن تدثرت بلبوس “جهادي/سلفي”، ذلك أن العديد من العمليات التي استهدفت فلسطينيين في غزة سابقاً، تورط في ارتكابها “جهاديون متشددون”، وثبت في التحقيقات أن أصابع المخابرات الإسرائيلية، كانت تديرها وتقف وراءها.

أما الحادثة الثانية، فقد أعلنت إسرائيل صراحة مسؤوليتها عنها، وعلى لسان بنيامين نتنياهو، الذي تعهد بمقارفة المزيد منها، إن لزم الأمر... وفي التفاصيل أن الطائرات الإسرائيلية استهدفت بصواريخها، طرف نفق يمتد من داخل القطاع إلى مسافة كيلومترين من “كيبوتس كيسوفيم” المجاور، وأن النفق اكتشف بوسائل تقنية طورتها إسرائيل حديثاً، وأنها كانت تنوي تدمير النفق ولم تخطط لاغتيال قادة ميدانيين رفيعي المستوي من حماس أو الجهاد.

وفي التفاصيل أيضاً، أن حكومة نتنياهو أبلغت حماس عن طريق الوسيط الأمني المصري، بأنها ليست راغبة بالتصعيد، بدلالة أن صواريخها ضربت في مناطق سيطرتها، ولم تضرب النفق في طرفه الممتد داخل القطاع، وأن المخابرات المصرية تبذل جهوداً لاحتواء الموقف ومنع الانزلاق للتصعيد، وأنها حققت وتحقق تقدماً على هذا الصعيد.

مضمون الرسالتين الإسرائيليتين الداميتين واحد: بالمصالحة أو من دونها، يد إسرائيل الطولى ستظل  تعبث في غزة، فوق الأرض وتحتها، وفي الأجواء كذلك ... وإذا كانت حماس اليوم، تتحمل وزر كل ما يجري في القطاع وما يستهدفها انطلاقاً منه، فإن السلطة ستصبح المستهدفة بالصواريخ الإسرائيلية، في حال فكرت حماس أو الجهاد، أو غيرهما من الفصائل، تعظيم قوة الردع الفلسطينية أو اجتياز خطوط “نظرية الأمن الإسرائيلية” الحمراء.

إسرائيل بتعمدها رفع منسوب التصعيد في غزة، تريد تذكرة الفلسطينيين، كل الفلسطينيين، بأنها حاضرة بقوة في مسارات المصالحة وتلافيفها، وأنها وإن غابت عن موائد الحوار والتفاوض والوساطة المصرية، إلا أنها حاضرة بقوتها الأمنية والعسكرية، لتقرير مسار الأحداث والتطورات الراهنة والآتية، تماماً مثلما تفعل على الساحة السورية، حيث تحرص بين الحين والآخر للقول: نحن هنا، تارة عن طريق غارة جوية وأخرى عن طريق رشقة صاروخية أو عملية اغتيال.

والمؤكد أن إسرائيل لن تكل ولن تمل، من تكرار محاولة “فرض قواعد اشتباك جديدة”، هدفها الأول والأخير، انتزاع ما تعتبره “حقاً” لها، في اللجوء إلى القوة الغاشمة وقتما تشاء وأينما تشاء، وهي تفعل ذلك على الجبهتين الشمالية والجنوبية بتواتر ... وهي هذه المرة، تريد أن تختبر هذه القواعد، بعد التطورات الأخيرة في ملف المصالحة، وإظهار حماس قدراً متزايداً للتحلل من تبعات السلطة المكلفة في القطاع، واضطرارها نظير ذلك، لتقديم “تنازلات مؤلمة” للسلطة الفلسطينية.

والمؤكد أيضاً، أن إسرائيل تريد أن تخلط أوراق الفلسطينيين، إذ في مواجهة حالات “التلفت” للرد على العدوان، وتعالي الصيحات المطالبة بالثأر والانتقام للضحايا والشهداء، هناك من الفلسطينيين والعرب (الوسيط المصري) من سيدعو إلى “ضبط النفس”، وتفويت الفرصة على إسرائيل لتخريب مسار المصالحة ... الغارة الإسرائيلية الدامية على القطاع، تستهدف قراءة وزن “المصالحة” في حسابات مختلف الأفرقاء واللعب على وتر “تباين الأولويات” فيما بينها، واستجرار خلاف فلسطيني داخلي من جديد، يوقف عجلة التفاؤل والتقدم على درب انهاء الانقسام.

إن “صمت” الفلسطينيون على العدوان وتجرعوا كأسه المرة، سجلت إسرائيل نقطة في ملعبهم، وإن اشتبكوا فيما بينهم حول طبيعة الخطوة التالية، أو جواز الرد من عدمه، سجلت إسرائيل نصراً آخر ... وفي مطلق الحالات، فإن أحداً لن يستطيع استبعاد سيناريو “التدهور” واحتمال خروج الأمور عن السيطرة، عندها قد نكون أمام خطر “انقلاب كامل في المشهد”.

الدستور 2017-11-01



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات