العبادي يأخذ العراق إلى برّ الأمان
تسلّم حيدر العبادي رئاسة الحكومة في العراق في شهر آب (أغسطس) من العام 2014 بعد شهرين تقريباً من سيطرة "داعش" على الموصل ومناطق أخرى.
اعتقد الكثيرون في حينها أن العبادي هو الرئيس الواجهة، وأن المالكي يُدير دفة الأمور من الخلف بحكم سيطرته على مفاصل مهمة في الدولة، وعلاقته الوطيدة جداً مع إيران وحرسها الثوري. كان أكبر تحدٍ للعبادي عند تسلّمه الحكم هو تحدي الإرهاب، متمثلاً بـ "داعش" وكيفية طردها من الأراضي العراقية التي سيطرت عليها سيما وأنه ورث جيشاً منهكاً ومترهلاً بعد خسارته للموصل أمام "داعش". لقد أدرك العبادي أن مهمته الأساسية هي إعادة بناء الجيش من الناحية المهنية، والتخلص من الإرث الأيديولوجي الذي كان يحمله. لتحقيق ذلك، تعاون بشكل وثيق مع التحالف الدولي ضد الإرهاب بشكل عام ومع الولايات المتحدة بشكل خاص، وعمل على احتواء الحشد الشعبي، وبناء الجيش أو مجموعات مقاتلة من المناطق التي سيطرت عليها "داعش"، وبخاصة المناطق السنية. لقد تمكن الجيش العراقي وحلفاؤه المحليون والإقليميون والدوليون من هزيمة "داعش" وتحرير العراق من الإرهاب.
الانتصار الثاني للعبادي كان في تعامله مع الأزمة الكردية والنزعة الاستقلالية لدى الإقليم والتي كان يقودها البرزاني. لقد أظهر العبادي حزماً واضحاً في التعامل مع الاستفتاء على الاستقلال وتبعاته، ولكن دون أن يلجأ للعنف والبطش، كما كان يحصل بالسابق. استفاد العبادي من هذه المسألة من العداء الإقليمي لاستقلال كردستان، وبخاصة من قبل تركيا وإيران، واستطاع أن يكسب الدعم الأميركي لموقفه والذي كان قادة الإقليم يعولون على وقوفه معهم. وكان البرزاني يدرك أن العراق أهم من كردستان للولايات المتحدة. وعليه، استطاع العبادي أن يحقق نتائج مهمة جداً بإعادة الإقليم الى حضن الدولة العراقية، واستعادة السلطة الفيدرالية سيطرتها على الأماكن المتنازع عليها وعلى المعابر الحدودية وغيرها التي تقع ضمن صلاحيات الدولة الاتحادية أو الفيدرالية.
الإنجاز الثالث الذي يسجل للعبادي هو إعادة العلاقات مع الجيران، وبخاصة الدول السنية منها كتركيا والسعودية والأردن لا بل إن العلاقات مع هذه الدول شهدت تحسناً ملحوظاً. ويمكن القول إن العراق لديه "صفر مشاكل" مع جيرانه، وهذا تطور مهم ستكون له نتائج إيجابية ليس فقط على محاربة الإرهاب، ولكن في بناء العراق الموحد الديمقراطي والعلاقات الطيبة بين العراق وجيرانه.
لقد أثبت العبادي أنه رجل المرحلة بالعراق، واستطاع أن يتعامل مع كل الأطراف التي كانت لها أجندات متناقضة مع بعضها بعضا، وأصبح الحفاظ على العراق موحداً أقرب من أي وقت مضى.
لكن ذلك يجب أن لا يقلل من حجم التحديات التي ما يزال العراق يواجهها، ويتصدر قائمة تلك التحديات القدرة على إعادة دمج كافة المكونات العرقية ضمن معايير مراعاة مصالح جميع الفئات العراقية، ونبذ الطائفية من خلال عراق موحد لكل العراقيين أو بعبارة أخرى استكمال بناء الدولة العراقية القادرة على دمج جميع المكونات، وإعادة اللحمة التي مزقتها الطائفية في السنوات الماضية. الملف الثاني الذي لايقل أهمية هو إعادة الإعمار في العراق، وبخاصة في المناطق التي كانت ساحة للنزاعات والمناطق التي طُردت منها "داعش" وفي هذا الملف لابد من تعاون دولي وإقليمي في تحقيق ذلك.
العراق حقق مكاسب كبيرة في فترة حكم العبادي، وهو في طريقه لاستعادة عافيته واستقلاله.
الغد 2017-11-02