عاصمة الأردن الجديدة
هناك قدر كبير من عدم الوضوح فيما يتعلق بمشروع مدينة جديدة يقال أنها ستقام جنوب شرق المطار، فقد بدأت الفكرة تحت اسم عمان الجديدة وعاصمة جديدة، ثم صارت مجرد مقر للحكومة لتخفيف الازدحام في عمان القديمة، ومرت بمراحل عديدة قبل أن تهبط إلى مستوى مجرد مدينة استثمارية، اي أن الهدف هو الحصول على الربح كعقار مؤجر للحكومة بأضعاف ما تدفعه حالياً.
هذا المشروع يكلف مئات الملايين وربما المليارات من الدنانير، جزء كبير منها لاستيراد مواد لازمة للمشروع بالعملة الأجنبية. لكن الوضع المالي للمملكة لا يتحمل كلفة كهذه من أصل موازنة عامة تعاني من العجز والمديونية.
حاولت الحكومة طمأنة الناس بالإعلان أن المشروع لن يكلفها ديناراً واحداً، فالذي سيقوم به هو القطاع الخاص الذي سيبنيها ويؤجرها للحكومة ثم يحول ملكيتها إلى الحكومة بعد عشرات السنين. لكن أحداً لم يفاتح القطاع الخاص بالموضوع ليعرف ما إذا كان يقبل هذه الصيغة، وأنه على استعداد لتمويلها تمهيداً لتأجيرها للوزارات والدوائر الرسمية بحيث يعيش على ريعها كعقار ويتأكد ما يقال عن الاقتصاد الأردني من أنه اقتصاد ريعي وليس إنتاجياً.
يقولون إن عمان ستظل العاصمة بموجب النص الدستوري الصريح، ولكنها عاصمة ليس فيها حكومة، وستحمل اسم عاصمة مع أنها لم تعد مقراً لرئاسة الحكومة والبرلمان والقضاء.
عمان القديمة ليس فيها صناعة أو زراعة ويعيش أهلها على الحكومة كمصدر للتوظيف، فإذا رحلت الحكومة عنها فستصبح مدينة مهجورة تضاف إلى الآثار التاريخية التي تزخر بها المملكة.
إقامة مدينة جديدة بدون أن تكلف الخزينة ديناراً واحداً، يذكرنا بمشروع سكن كريم لعيش كريم، حيث كان وزير الاشغال في حينه سهل المجالي قد جمع ممثلي الصحافة وشرح لهم كيف أن المشروع سيقوم دون أن يكلف الخزينة فلساً واحداً.
قال الوزير في حينه إن المشروع سيقام على ارض مملوكة للحكومة وسوف تقدم له في المستقبل كل الخدمات الأساسية التي تقدم لجميع المدن والأحياء. يقوم القطاع الخاص وشركات الإنشاءات بشكل خاص ببناء المدينة على حسابها على أن تحصل على نصف المساكن لتبيعها بالأسعار التجارية لاسترداد تكاليفها وأرباحها، وتسلم النصف الباقي من المساكن للحكومة مجاناً مقابل الأرض والخدمات، على أن تقوم الحكومة بدورها بتخصيصها للفئات الاجتماعية التي تحتاجها وبخاصة عائلات موظفي الدولة. بهذا يربح الجميع ولا يخسر أحد. لكن النتيجة كانت محزنة كما هو معروف.
الراي 2017-11-03