هل نحن في عصر ما بعد الديمقراطية والعولمة؟

تم نشره الأربعاء 08 تشرين الثّاني / نوفمبر 2017 12:49 صباحاً
هل نحن في عصر ما بعد الديمقراطية والعولمة؟
مروان المعشر

يشير البعض للانتخابات الرئاسية التي جرت في الولايات المتحدة وبعض اجزاء أوروبا للاستنتاج اننا دخلنا عصر ما بعد الديمقراطيات الليبرالية التي سادت اغلب شعوب العالم الصناعية، الى عصر تسود فيه الشعبوية والاتجاهات غير الليبرالية. وبحق، فان نظرنا الى بروز ترامب او بوتين مثلا، من السهل الوصول لمثل هذه الاستنتاجات. ولكن، هل أضحت هذه التطورات القاعدة، ام انها ما تزال تشكل استثناءات محدودة، على قدر أهميتها؟
الحقيقة ان الديمقراطية ما تزال تنمو في أماكن عدة من العالم بما في ذلك أميركا اللاتينية وافريقيا وبعض اجزاء اسيا. فبينما كانت اغلب دول افريقيا وأميركا اللاتينية ديكتاتوريات قبل ثلاثين عاما، فان جلها اليوم دول مبنية على الديمقراطية الانتخابية. بمعنى آخر، من التبسيط قراءة عهد ترامب او بوتين وكأنه نعي عالمي للديمقراطية الليبرالية. 
وتبقى هناك حقائق مهمة، فـ123 دولة من أصل 192 دولة في العالم لديها نظم ديمقراطية انتخابية،  كما ان عشرين من أصل اكبر خمسة وعشرين اقتصادا في العالم تتواجد في دول ديمقراطية، وتشكل 65 بالمائة من مجمل الانتاج العالمي. من الصعب، والحالة هذه، التنبؤ بانتهاء عصر الديمقراطية لمجرد مرورها ببعض التحديات الآنية.
كما ان العولمة ليست زر كهرباء يمكن فتحه او اغلاقه وقتما نشاء. يعزو الرئيس الاميركي سبب معاناة الاقتصاد الاميركي وخسارته لوظائف عدة الى اتفاقيات التجارة الحرة، التي برأيه أدت الى خسارة الأميركيين بعض وظائفهم لاقتصاديات اخرى، وبالتالي فان اتّباع سياسة انعزالية سيعيد هذه الوظائف. في هذا تبسيط بالغ، فالعولمة لا تعتمد فقط على حرية التجارة،  ولكن ايضا على التكنولوجيا الحديثة. ولا يستطيع أحد أن ينكر اثر الانترنت والهواتف الذكية مثلا في تغيير تركيبة العديد من الصناعات التقليدية، الى الحد الذي أصبحت فيه اكبر شركات التاكسي عالميا كأوبر وكريم لا تمتلك سيارة واحدة، واكبر شركة للتسوق وهي أمازون لا تمتلك متجرا واحدا، وهكذا.
ان التطور الهائل في التكنولوجيا، والذي من المستحيل عكسه، قد أدى الى اندثار وظائف عديدة كما الى بروز غيرها، والى ان تتأقلم الاقتصاديات العالمية مع ذلك، سيفقد العديد وظائفهم. لسنا في عصر ما بعد العولمة، ولكننا في عصر التأقلم مع نتائج العولمة، والتي تتمثل في ضرورة إعادة التأهيل والتعليم المستمر لمجاراة التكنولوجيا الحديثة. ولن يستطيع ترامب أو غيره عكس عقارب الساعة وإعادة الوظائف السابقة، لانها انتهت الى غير رجعة. 
في خضم ذلك، ما يزال العالم العربي  يأبى إلا أن يعيش في منطقة خالية من أسلحة الديمقراطية والعولمة. يبحث البعض عن كافة المسوغات لتبرير غياب الديمقراطية في المنطقة أو عدم الحاجة اليها. ويشير العديد منهم الى الصين التي تطبق نظام "رأسمالية الدولة" مقارنة بـ"رأسمالية السوق" والتي تكاد تكون الاستثناء الوحيد في العالم الذي حقق نموا باهرا على مدى ثلاثة عقود مع غياب نظام ديمقراطي. 
لم نتبع نظام الصين ولا نظام الديمقراطيات، بل واصلت انظمتنا السلطوية فشلها سياسيا واقتصاديا في تحقيق التنمية المستدامة. عندما يدعو البعض لإعادة نظر جذرية في مجمل هذه السياسات، فهي ليست دعوة مستندة الى العواطف او المثاليات،  بل الى الأرقام التي لا تكذب. فالبطالة في العالم  العربي تمثل ضعف المعدل العالمي، والناتج الاجمالي للعالم العربي يمثل 2.5 بالمائة من مثيله العالمي في حين تشكل نسبة السكان اكثر من 5 بالمائة من العالم. كما ان هناك 49 نظاما سلطويا في العالم بحسب منظمة فريدوم هاوس نصفها تقريبا من العالم العربي. متى نصحو من هذا السبات؟

الغد 2017-11-08



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات