هل تمنحنا التكنولوجيا فرصا للتقدم والإصلاح؟

تم نشره الأربعاء 29 تشرين الثّاني / نوفمبر 2017 01:21 صباحاً
هل تمنحنا التكنولوجيا فرصا للتقدم والإصلاح؟
ابراهيم غرايبة

كيف نوظف التكنولوجيا المتاحة اليوم لأجل الإصلاح؟ أعني بالإصلاحيين الأفراد والجماعات والمؤسسات في الدولة والمجتمع والأسواق، والذين تشغلهم مسائل التقدم وتحسين الحياة لأنفسهم ومجتمعاتهم في الحريات والعدل والكرامة والتعليم والصحة والثقافة والفنون والتماسك الاجتماعي وتطوير الموارد والعدالة والكفاءة في إدارتها وتوزيعها، والعدالة الاجتماعية، أو شبكة من العمليات والأفراد قد يعملون معاً أو مستقلين عن بعضهم، وقد يختلفون سياسياً أو يتفقون، ولكن المقياس في المحصلة هو التقدم في مؤشراتٍ؛ أصبحت واضحة وقابلة للقياس.

ليس الحديث عن العلاقة بين التكنولوجيا والتحولات الاقتصادية والاجتماعية جديداً، فقد شغلت به بحوث وكتابات وتخصصات علمية، ولكنك في حاجة دائمة في الجدل العربي، أن تبذل جهداً طويلاً في بناء سؤال مشترك، لأجل البحث عن التوظيف الإصلاحي والاجتماعي للتكنولوجيا، وستظل في مواجهة مقولة أن لا علاقة للتكنولوجيا بالصراع السياسي والاجتماعي (الصراع بما هو تنافس وتدافع وليس العنف والقتال) أو تمضي وقتاً أطول في أنك لا تقصد إدخال التكنولوجيا في العمل والحياة، وأنك لا تدعو إلى الأتمتة والحوسبة، ولا تتحدث عن مزاياهما والتدريب عليهما!

كيف تساعد التكنولوجيا في التأثير على السياسة العامة، وتدفع بها باتجاه الإصلاح؟ كيف تساعد في تغيير علاقات القوة والإنتاج في المجتمع والدولة، ومن ثم كيف تنشئ قيادات اجتماعية واقتصادية وطبقات ومصالح جديدة؟ ثم كيف تنظم هذه الطبقة الجديدة مصالحها وأدواتها في التأثير والتغيير؟

وثمّة حاجة، هنا، مرة أخرى، للاستدراك والتوضيح أن النخب الملهمة من الشعراء والكتاب والدعاة والنشطاء، على الرغم من نبل عملهم وضرورته، لا يصنعون الإصلاح، هم يمثلون شرطاً ضرورياً له، لكنه شرط ليس كافياً، ويجب ألا يزيد الدور الإلهامي بلا مصالح أكثر من حجمه في الدعوة والتأثير والتحريك نحو الإصلاح، لكن الكتلة الكبرى والحرجة في الإصلاح مردّها إلى طبقات متحالفة، تجد مصلحتها ومكاسبها في العدالة والحرية والديمقراطية وتحسين الحياة والتنافس وتطوير الخدمات الأساسية التعليمية والصحية والاجتماعية وأنظمة عمل وتشريع عادلة، ومن دون هذا التحالف المصلحي لن يكون إصلاح، ويتحول ملهموه إلى طرائد تتسلى النخب الحاكمة والمهيمنة في اصطيادها ومطاردتها واستدراجها وتضليلها.

غياب هذا الوعي والإدراك للعمل الإصلاحي يصيبه في مقتل، ويمضي به إلى متاهة مفزعة للإصلاحيين ومسلية للنخب، وقد يتحول إلى لعبة فجّة، عندما تمضي الطبقات المفترض أنها تقود الإصلاح في تحالف مع النخب المهيمنة، ثم تمارس النضال والمعارضة، على سبيل التسلية أو البلاهة. وما حاجة المعارضة إلى رجال أعمال يحصلون على العقود والعطاءات عن طريق الرشوة والفساد، ثم يشاركون مع المعارضة، في الوقت نفسه، في الدعوة والتجمع والتظاهر والعمل؟ وما حاجة الإصلاح إلى مهنيين من مهندسين وأطباء ومحامين وأساتذة، يمثلون العمود الفقري للفساد وعدم المساواة، ويشغلون أوقات فراغهم في المطالبة بالإصلاح؟

وهنا، يبدو السؤال وجيهاً وضرورياً وأكثر وضوحاً، كيف ينشئ الإصلاحيون بالتكنولوجيا الجديدة فرصاً وموارد وأسواقاً وأعمالاً جديدة، تنشئ موارد مستقلة لهم، ولقواعدهم الاجتماعية؟ هم بذلك فقط ينشئون علاقات قوة وتأثير جديدة وبديلة، تحرك الأسواق والمجتمعات، بعيداً عن الاحتكار والامتيازات، وببساطة، وعلى نحو عملي، يجعلون قواعد الدخول إلى النخبة (النخب تعني قيادة المؤسسات والأعمال والقطاعات) والخروج منها على قاعدة "البقاء للأصلح"، وفي هذه القاعدة يكون الإصلاح!

كيف تنشئ المجتمعات والطبقات موارد وأعمالاً جديدة، تحررها من الاستبداد والاحتكار والامتيازات والإذعان والوصاية؟ فبغير الخروج من هذه الدوامة اللعينة، لن تستفيد المجتمعات من الانتخابات والديمقراطية والحريات!

الغد 2017-11-29



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات