حقيقة وثيقة " أبو ديس " في اتفاق عباس - بيلين
لكي لا نكون شهداء زور ، فإن ما تم تداوله عن اقتراح بجعل أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية التي أنهتها التطورات الأخيرة ، لم يفاجئ حتى العامة من الفلسطينيين والعرب الذين تابعوا سير المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية السرية ، فيما عرف بأوسلو " ب " والتي جرت في العام 1995 وتم بموجبها وضع اتفاق شبه نهائي يحسم أمر القدس ، عرف باتفاق " بيلين _ ابو مازن " وهو من ضمن اتفاق سري أنكره الرئيس عباس ولا زال ، تم التوصل إليه إبان تسنمه موقع نائب الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ، مع نائب وزير الخارجية ألإسرائيلي في حينه يوسي بيلين - رئيس حركة مريتس لاحقا - حيث تم التوصل لتفاهمات حول مجمل الوضع النهائي ومن ضمنه أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل وأن يكون رئيس بلديتها يهوديا ، وأن تكون أيضا ، عاصمة للدولة الفلسطينية ، ولكن :
أي قدس تعنيه إسرائيل ويعنيه التفاهم المذكور ؟..
إنه بلدة أبو ديس المحاذية للمدينة المقدسة كما تسرب في حينه .
ولكي نزيدكم من الشعر بيتا ، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت ، طلب رسميا اتفاق بيلين - أبو مازن ليكون مرجعية له خلال مفاوضاته مع السلطة ، وهذا أمر لم يعد مخفيا ونشرته كل وسائل الإعلام الإسرائيلية في حينه وبإمكان القارئء الكريم العودة إليه من خلال محرك البحث جوجل أو غيره .
ومن ضمن ما تسرب عن هذه الوثيقة والتي لم يوقع عليها أبو مازن كما تقول كل المرجعيات ، رغم وجوده كطرف رئيس فيها ، أن الطرفين اتفقا على أن يتم الأبقاء على المستوطنات في الضفة ويحافظ المستوطنون فيها على جنسيتهم الأسرائيلية ، وأن لا تتم عودة اللاجئين إلى بلداتهم ومدنهم الأصلية بل إلى الدولة الفلسطينية الموعودة ، وأن يتم تقسيم القدس مع ضمان أن يكون رئيس بلديتها يهوديا ، وظل بيلين يرفض الحديث عن هذه الوثيقة إلى أن اعترف بها في العام 1999 حيث أكد بأن عباس وافق على اعتماد أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية ، وفق ما قال .
ولأنني أنا وأخي على ابن عمي ، وأنا وابن عمي على الغريب ، كما يقول المثل الدارج ، فإني أفترض تصديق ما يقوله الفلسطينيون الرسميون وأنفي وجود مثل هذه الوثيقة ، ولكن إذا كان الأمر كذلك ، فكيف تطابق ما نشر في العام 1995 وتم تأكيده عام 1999 من قبل أحد الأطراف ، مع ما يروج هذه الأيام من أن مشروع ترامب يحدد أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية المقطعة الأوصال ، وأن يوضع جسر أو نفق لعبور المسلمين إلى المسجد الأقصى ؟.
كيف تحدث هكذا مصادفة ، وهل في السياسة مصادفات ، أم حسابات ؟؟ .
وكما قلنا ، فإن واقع الحال وظروف القضية الفلسطينية الآن يتطلب أن ننكر جميعا مثل هذه الوثيقة وأن نعتبر الحديث عنها الآن مجرد ضغوط إسرائيلية على القيادة الفلسطينية ، وهكذا نحصن البيت الفلسطيني ، ونمنع تشرذم العرب ونؤكد في الوقت نفسه أن مثل هذه الوثيقة ، حتى لو وجدت فإنها كانت " تفاهمات " بين رجلين وليس بين مؤسستين ،لان العبرة في النتائج وليس في البدايات .
موقف القيادة الفلسطينية الآن موقف واضح ومهم ، وإذا تم تغييره باتجاهات تنحرف عن المسار الوطني المطلوب ، فإن وثيقة بيلين - ابو مازن هي التي ستثبت نفسها حينذاك ، ولن يعود الأمر بحاجة لأي اجتهادات أو تفسيرات .
لا تدعوا العدو يحرف مسار الإجماع العربي والدولي حول القدس بحديثه الخبيث الآن عن مثل هكذا وثيقة وعن أبو ديس ، ولتظل الأعين مصوبة على بيت المقدس ، فهو البداية ، وهو النهاية ولو كره الكارهون .
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز 2017-12-31