واشنطن والابتزاز المالي

تم نشره الخميس 04 كانون الثّاني / يناير 2018 12:21 صباحاً
واشنطن والابتزاز المالي
ماهر ابو طير

كل الدول تستخدم ادوات الضغط المتاحة للتأثير على الاخرين، لكننا اليوم نشهد في واشنطن، نموذجا فجا لهذا التأثير، حين لا يجد الرئيس الاميركي دونالد ترمب، غير المال ليهدد به غيره.
هذه السياسة تمارسها دول عديدة في العالم، لكن ليس بهذه الطريقة التي تؤشر على انعدام وسائل التأثير الاخرى السياسية، وانسداد الافق في وجه الادارة الاميركية، وقد تكررت التهديدات الاميركية مؤخرا للعالم، حين هدد الرئيس عشرات الدول قبيل تصويت الجمعية العامة للامم المتحدة بشأن القدس، وحين تم تهديد ذات الامم المتحدة التي تمول الولايات المتحدة الاميركية جزءا من موازنتها، وحين تم تهديد اليونسكو بذات الطريقة قبيل انسحاب الولايات المتحدة الاميركية منها، وأخيرا تهديد الفلسطينيين عبر تغريدات للرئيس بوقف المساعدات المالية، كونهم لا يعودون للتفاوض مع اسرائيل، ولا يقدرون الموقف الاميركي، والتهديد الضمني بوقف دعم وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين، اي الاونروا، ولسبب يتعلق بمفاوضات السلام مع اسرائيل.
واشنطن في هذه الحقبة تحديدا، تكشف عن جهل عميق ازاء معادلات المنطقة، وبرغم ان البيت الابيض ووزارة الخارجية والسفارات الاميركية، والمؤسسة الامنية الاميركية، لديهم معلومات عن كل هذه الدول، وانظمتها، وهناك تعاون وتنسيق سري وعلني بين واشنطن وهذه الاطراف، ويفترضون فعليا التجاوب مع كل ما تريده واشنطن، خصوصا، مع وجود دعم سياسي واقتصادي وعسكري لكثير من هذه الاطراف، الا ان هذا الافتراض يعوزه التقدير الدقيق لكلفة ما يطلبه الاميركيون من كل هذه الاطراف، حتى لو قدمت لهم واشنطن كل هذا الدعم.
سواء دعمت واشنطن ماليا او لم تدعم، لم يكن ممكنا لدول عربية واسلامية، ودول كثيرة، عدم التصويت لصالح قرار القدس، والامر ذاته ينطبق اليوم، على تهديد الرئيس الاميركي اليوم، للفلسطينيين، عبر ملفين، مساعدات السلطة الوطنية الفلسطينية، وتمويل الاونروا، كما ان واشنطن لا تدرك ربما ان ليس بامكان اي جهة فلسطينية، التنازل مثلما تريد واشنطن، فهذا امر غير ممكن لاعتبارات كثيرة ومعقدة في بعض جوانبها.
هذه الطريقة التي يقدم بها الرئيس الاميركي ادارته الى العالم، لم تفعلها اي ادارة سابقة، والكل يدرك ان الادارات السابقة، كان لديها مصالح مع اطراف كثيرة، احيانا تتطابق واحيانا تتعارض، لكن هذه الادارات لم تلجأ الى هذه الطريق بالابتزاز المالي العلني، وفضلت بدلا عن ذلك امرين، اولهما عدم التورط في مواقف سياسية، تؤدي الى اصطدام مع اطراف كثيرة، بما قد يؤدي الى الاضطرار للضغط العلني، اضافة الى اغلب هذه الادارات، بحثت عن بدائل للتأثير والضغط، غير الابتزاز المالي المباشر، وهو ابتزاز يتجاهل ايضا ان لواشنطن مصالح اخرى مع هذه الاطراف، لا بد من حمايتها، قبل ان تكون هذه المصالح لهذه الاطراف فقط، مع واشنطن.
ما يمكن قوله ان لغة الابتزاز المالي، عبر درجات مختلفة، لدول العالم، لغة غير مسبوقة،على مستوى الدول، اذ ان الدول التي تستعمل هذه الطريقة، لا تجاهر حتى بها علنا، وتقوم بتسريب رسائلها وتهديداتها، الى الطرف المعني، دون ان تجاهر بذلك، حتى لا تبدو بصورة سلبية جدا، اضافة الى ان هذه اللغة في الاساس، لا تعبر عن اي لباقة سياسية، مثلما لا تحمي مصالح الدول، ولا تؤثر فعليا.

الدستور 2018-01-04



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات