خبز شباط
على وقع تزايد حدة الفقر وتفشي الغلاء وتحول الضرائب الى موضة حكومية تتفنن بإخراجها الموازنات المتعاقبة لتحظى بمصادقة النواب دونما جهد منهم للوقوف على ما فيها وما تسببه من اضرار تفوق في الواقع ما يسمى خراب البيوت يأتي الشتاء كريما بغزارة امطار يحبه الناس كرحمة لا يقنط بها، لكنهم يكرهون البرد رغم تخفيض سعر الكاز؛ اذ ليس به وحده يتدفأ الناس.
وعلى قلق اشد وطأة من الرعب، ينتظر الاردنيون مطلع الشهر القادم الذي فيه سيكون متناول خبزهم ليس بالامر اليسير والحيرة تلفهم وهم لا يعرفون بعد سعره الجديد، وفيما اذا سيتغير شكلاً ومضموناً وهم على دراية في لعبة التعويض التي تنال كل مرة من كرامتهم كلما حولتهم الى متسولين على ابواب الحكومة.
لو ان الضائقة المتداولة عن قصة الامكانيات وتراجع المساعدات تمس كل الاردنيين، فإنها ستكون مستساغة كواجب وطني تحت يافطة الصبر والتفوق على الذات والتضحية والاحتمال، غير أنها في كل مناسبة لمواجهتها نجدها تنال فقط من الفئات والشرائح الفقيرة والاشد فقرا والمدقعة ايضا، والتدقيق يشي الى ان زيادة منسوب رفد الخزينة يتأتى كما في كل مرة من جيوب هؤلاء في معظمه؛ كونه يمس السلع والخدمات العامة لمستواهم، في حين لا تتأثر الفئات المتخمة بالثروات والاموال، او ربما انها تحقق فائضا اكبر؛ كونها المستحوذة على إدارة السوق بمجمل محاوره.
يستهجن المرء حركة الحياة اليومية الاردنية وهو يتابع قصص الحفلات والمطاعم الفارهة التي لا تتوقف اعمالها، رغم إجراءات الضرائب ورفع الدعم وكأنها وروادها ليسوا المعنيين بالقرارت وانما أردنيون غيرهم، فالقصور والبيوت الفخمة تكون على احسن وبركها لا تخلو من المياه والسيارات الفارهة لكل واحد لا تتوقف منها واحدة وإن وصل الاوكتان 95 الى اي رقم، وذات الحال للسفر والنقاهة ومجمل انواع الترف حيث يستمر كما في المقابل تستمر معاناة عامة الشعب.
متوالية موازنة الدولة مختصرة بمقولة «ليس على شباط رباط»، وهي تأتي في كل عام بجديد أسوأ من الذي سبقه، ويبدو ان الامر سيستمر، ولسوف يكون العام المقبل بعد عام على أسوأ أكيداً طالما القصة غاب عمرو وحضر زيد نفسها تتكرر.
السبيل 2018-01-07