ترامب والقدس والقضية الفلسطينية
لا أفهم، ولا أعرف كيف يدعو الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى مفاوضات سلام بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال، في الوقت الذي أفرغ أية مفاوضات مستقبلية من مضمونها، باعترافه بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال؟
الرئيس الأميركي الذي تناقل الإعلام العالمي تشكيكه برغبة اسرائيل في السلام، في مقابلة له مع صحيفة اسرائيلية، لم يعلن أي إجراء لحث الاسرائيليين على المفاوضات، فيما كان قد جمّد جزءا كبيرا (65 مليون دولار) من المساعدات الاميركية لوكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) لاجبار الفلسطينيين على العودة لطاولة المفاوضات ضمن الشروط الأميركية التي أقل ما يقال فيها إنها مجحفة وظالمة وتسعى لتصفية القضية الفلسطينية.
ترامب المتشكك في رغبة اسرائيل بالسلام، شدد في المقابلة ذاتها على استبعاد القدس من طاولة المفاوضات، واعتبر أنه باعترافه بها عاصمة لكيان الاحتلال، اصبحت خارج طاولة المفاوضات. اي أن ترامب الذي افرغ المفاوضات من مضمونها، يسعى، برغم معرفته المطلقة بأن كيان الاحتلال الإسرائيلي غير راغب في السلام، للضغط على الفلسطينيين للعودة لطاولة المفاوضات دون أي أمل بتحقيق حقوقهم المشروعة ودولتهم المستقلة المنشودة.
ترامب الذي يرسل وزير خارجيته ريكس تيلرسون للمنطقة لبحث القضية الفلسطينية ومسار المفاوضات مع زعمائها، يعرف تماما أن هذا "الجهد" لن يكتب له النجاح، لان الادارة الاميركية سلبت الفلسطينيين من جوهر قضيتهم عندما اعترفت بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال وبشرعية المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين ورفضت حق العودة، وارادت القضاء على وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين.
وعلى الأرجح، فان الجهد الذي سيبذله تيلرسون في جولته هو الضغط على زعماء المنطقة بقبول الرؤية الاميركية لحل القضية الفلسطينية (التصفية)، فواشنطن حسمت أمورها على هذا الصعيد، واي انتقادات لاسرائيل هي شكلية وليست حقيقية، وانما لذر الرماد بالعيون، والهدف الضغط على الفلسطينيين وحلفائهم العرب للقبول بالأمر الواقع الذي لايحقق اي شيء، وانما يلغي القضية الفلسطينية ويدخل شعبها بمتاهات جديدة من التشرد والحرمان وضياع الحقوق والارض والدولة والقدس والعودة.
لا بد من إفشال المخططات الأميركية، فالإدارة الأميركية ليست طرفا محايدا، وإنما طرف مشارك وفاعل في عملية تصفية القضية الفلسطينية. فكل ماتفعله الإدارة الأميركية على صعيد القضية الفلسطينية يصبّ في خدمة كيان الاحتلال وتصفية القضية المركزية للعرب.
إن الاحتلال يجد أن الفرص مواتية له لتحقيق مراميه ومساعيه، ولكنني متأكد أن كل مخططاته ستفشلها الإرادة الصلبة للفلسطينيين.
الغد 2018-02-13