هيّا بنا نقتل البعبع!

تم نشره الأربعاء 21st شباط / فبراير 2018 12:34 صباحاً
هيّا بنا نقتل البعبع!
جهاد المنسي

ليس سهلا ان نقرأ يوميا خبرا عن وجود عصابات تعتدي على المال العام أو أخرى تطالب بأتاوات من أصحاب محال أو مستثمرين، أو اكتشاف مخدرات وترويج في جامعات حكومية، فكلها مؤشرات مقلقة ومخيفة في المجتمع، تتطلب عدم وضع الرأس في الرمل في انتظار تفاقمها، وإنما المطلوب البحث عن حلول واقعية وجادة لها.
وليس سهلا أيضا أن نتحدث يوميا عن دولة القانون والمؤسسات والمواطنة وتكافؤ الفرص والعدالة وخلافه من مصطلحات رنانة، وفي نفس الوقت نسمع عن محاصصات ومطالبات باستثناءات واجتماعات عشائرية للضغط على الدولة وليّ عنق القانون، فكل ذلك أيضا يعطل الإصلاح ويضع عراقيل في دولابه حتى لا يدور، فكل تلك ممارسات يتوجب ملاحظتها وعدم السكوت عنها.
وأيضا لا يجوز أن نترك البعض يسرح ويمرح في هواء العالم الافتراضي يشتم هذا ويقذف ذاك، ويعتدي بالكلام والاتهام على غريم له دون وضعه عند حده بالقانون، فيما تتحرك الجحافل وتثور الدنيا ولا تقعد إن تم المس بشخصية عامة او صاحب نفوذ، فالجميع يجب ان يكونوا متساوين لا فرق بين التشهير بمواطن عادي او شخصية عامة.
الدولة المدنية التي نتحدث عنها في بطون الكتب والمؤتمرات وعبر الملتقيات يتوجب أن لا تبقى خطبا أمام ميكروفونات الخطابة فقط، وإنما يجب عكسها على الأرض، وعلى أولئك الذين يريدون تعطيل إصلاحنا أن يعرفوا أن الباب مفتوح فقط لمن يريد التعامل مع الدولة المدنية التي تقوم على العدالة في كل الأمور، والابتعاد عن كل الأفكار الجهوية والمحاصصة وغيرها من أفكار لا تبني دولة ولا تؤسس لمجتمعات حديثة، ممن تعشعش في عقولهم الافكار الاخرى، والواسطة والمحسوبية، وان الدولة بمثابة إرث له وعليه أن يأخذ منها ما يشاء. على مثل هؤلاء أن يحزموا حقائبهم ويغيبوا عن المشهد ويتركوا المجال لمن يؤمن بالدولة الحديثة لكي يعمل ويُفعّل الاصلاح على الارض وليس بالكلام فقط.
ليس خافيا ولا مخفيا ان هناك قوى شد عكسي تسعى يوميا لمقاومة اي فكرة اصلاحية وتجديدية وتنويرية وتحديثية، وهذه القوى متغلغلة في مفاصل كثيرة في الدولة، وبقاؤها في أماكنها تتحكم بإصلاحنا بالشكل الذي يرضي اهواءها لا يفيد ولن يساعد في التطوير والانتاج والابداع.
أيعقل ان نتحدث عن دولة مدنية، وفي الوقت عينه نتحدث عن جهوية وعشائرية وخلافه من مصطلحات من المفترض ان يكون قد عفا عليها الزمن، فالحقيقة التي لا مجاملة فيها ان الجهوية ضد الاصلاح وان الدولة تطور للعشائرية، التي يمكن ان نأخذ منها قيمها الجميلة التي تقوم على التسامح والكرم والاخلاق وكل ما هو ايجابي.
اذ لا يعقل ان تكون هناك مناطق صعبة على الدولة واخرى سهلة، ولا يجب ان نسمع ان البعض يرفض وصول مفتش الكهرباء او الماء لبيته او مزرعته، فيما يصول المفتشون والجابون في مناطق اخرى بحرية، ولا يجوز ان نسمع عن استجرار ماء دون ان نعرف اين وصلت ملاحقة اولئك الذين كانوا يعتدون على حق الدولة، كل تلك الامور وغيرها العشرات العشرات يجب التنبه لها ومعالجتها ووضعها امام أعيننا وعدم وضع الرأس في الرمل وكاننا لا نراها، ونحن متيقنون انها تحدث وربما هناك المزيد منها.
ان وقفنا امام واقعنا بشكل حقيقي، وتوافقنا على أن هناك قوى شد عكسي تعمل ضد الاصلاح والعدالة وسيادة القانون وتكافؤ الفرص والمواطنة، وتسعى لبقاء المحاصصة والواسطة والمحسوبية كما هي، وقتها يمكن ان نخطو للامام من خلال تحييد تلك القوى والذهاب لنهضة ادارية، نضع فيها الرجل المناسب في المكان المناسب، دون النظر للمحافظة واللواء والعشيرة وغيرها من مصطلحات خلقها البعض لنا حتى باتت بعبعا يبعدنا عن التقدم والدولة، فهيّا بنا نقتل البعبع فينا.

الغد  2018-02-21



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات