الديمقراطية والحريات إذ تخرج من التداول الغربي

تم نشره الثلاثاء 27 شباط / فبراير 2018 12:26 صباحاً
الديمقراطية والحريات إذ تخرج من التداول الغربي
ياسر الزعاترة

تقليديا، ومنذ عقود طويلة، كانت قضية الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان جزءا لا يتجزأ من التداول الغربي على ألسنة الزعماء والسياسيين في الغرب، فيما يتعلق بمنطقتنا.
صحيح أن الشق الأكبر من ذلك التداول كان ينطوي على نفاق ومجاملة للرأي العام الداخلي، مع قدر وافر من استخدامه في سياق الضغوط والابتزاز للمستهدفين بالنقد، إلا أن استمرار الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، كان يفضي إلى شيء من التحوّل، ولو في سياق الديكور، أعني صناعة ديمقراطيات تأخذ من الديمقراطية أشكالها الخارجية، دون مضمون حقيقي.
اليوم، يبدو لافتا خروج هذه القضية من التداول الغربي، ربما باستنثاء بعض البيانات والإحصاءات التي تصدر عن مؤسسات مستقلة أو شبه رسمية، فيما تذهب دعوات الكتاب والصحفيين والناشطين في الغرب ضد السكوت على القمع هنا وهناك هباء.
اللافت بالطبع أن يأتي ذلك بعد موجة الربيع العربي التي فاجأت الغرب، ويبدو أن الدرس الذي أخذوه من هذه الموجة يتمثل في الكف عن طرحها حتى لا تستيقظ الشعوب من جديد على بؤس أحوالها.
لا شك أن الأوضاع التي كانت قائمة في العالم العربي، والتي تعود الآن على نحو أسوأ، هي الأنسب للدول الكبرى، والتي تواطأت جميعا على هذا البعد، ذلك أن استعادة الشارع الشعبي لقراره السياسي، سيؤثر بالضرورة على مصالح تلك الدول، فيما هي تستفيد جميعا من الصراع الراهن في المنطقة، رغم ما بينها من تناقض، فروسيا والصين تستفيدان، تماما كما تستفيد أمريكا والغرب، وكلما زادت الصراعات البينية اشتعالا؛ ذهب المتصارعون إلى الخارج يطلبون الإسناد، ومعه الشرعية أيضا.
الخلاصة هي تواطؤ القوى الكبرى على مصالح الشعوب المستضعفة، وبحثها عن مصالحها عند الحكومات، والعمل الدؤوب على الحيلولة دون أن تحصل هذه الشعوب على حريتها؛ لأن ذلك يعني البحث عن الاستقلالية، بعيدا عن الهيمنة الخارجية.
هل يعني ذلك أن حلم الربيع العربي قد انتهى إلى غير رجعة؟ كلا بكل تأكيد، فهو أصلا لم يندلع بدعم غربي، وإنما تبعا لحاجة داخلية ماسة، بل إن التبعية  للخارج كانت جزءا لا يتجزأ من الموقف الشعبي، ومن ضمن ذلك التهاون في نصرة قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
بوسع الثورة المضادة العربية أن تحتفل بانتصارها على ربيع الشعوب، ومعها القوى الكبرى بكل تأكيد، لكن الاعتقاد بأنه انتصار نهائي لا يعدو أن يكون نوعا من الوهم، فالشعوب لن تكف عن مطاردة حريتها.

الدستور 2018-02-27



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات