الاستثمارات والمنح الأجنبية

تم نشره السبت 03rd آذار / مارس 2018 12:50 صباحاً
الاستثمارات والمنح الأجنبية
إبراهيم غرايبة

ما أهمية اجتذاب مستثمر لا يدفع ضرائب ولا يحرك التنمية، ويثقل على البنى الاساسية والمرافق العامة؟ أليس غيابه توفيرا للموارد العامة؟ وبالطبع فإن الاستثمار الأجنبي لا بأس به ولا يضر الصحة (ربما)، لكن لا معنى لاجتذاب المستثمرين على هيئة محمية ومكلفة ومعزولة، فالاستثمار في قيمته الحقيقية والجوهرية هو مشاركة في الاقتصاد الحقيقي والانتاجي ومع المواطنين في أعمالهم ومواردهم، ومن ثم فإن النظر إلى الاستثمار يقاس بنسبة ما يستفيد منه المواطنون ويحسّن حياتهم على نحو واقعي وملموس، وفي ذلك فلا معنى لمؤسسة اسمها تشجيع الاستثمار، إذ ان ذلك محصلة مجموعة من السياسات والتشريعات وليس مؤسسة، وبالطبع فإن البيئة الاقتصادية والسياسية تستقطب أو تنفّر الاستثمار والمستثمرين، وأما الاعفاءات والتسهيلات الخاصة أو الاستثنائية فهي فساد أكثر مما هي استثمار.
أحاول فهم سر الإغراق الإعلامي والاحتفالي حول الاستثمار والمستثمرين.. إذا كان هذا يسمى تشجيع استثمار، فلا بد انها تسمية خاطئة.. لا يشجع الاستثمار سوى بيئة ملائمة من العدالة وسيادة القانون. وبالمناسبة فإن فكرة وحدة حماية المستثمرين غير نافعة وتبعد المستثمرين وتخيفهم أكثر مما تجتذبهم.
 ثمة حاجة وأولوية كبرى لأنواع جديدة من الاستثمارات والتمويل، قائمة على مشاركة اقتصادية واجتماعية، وبقدر من المغامرة وبنسب من الربح والعائد تتفق مع فرص المشروعات التي تمولها، وتهتم أساسا بالمشاركة مع المدن والبلدات والأفراد والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ذات القدرة التشغيلية والمتوطنة في البلدات والمحافظات والقطاعات الأكثر قدرة على تحسين حياة الناس وزيادة مشاركتهم الاقتصادية، وتطوير وتوفير احتياجاتهم الأساسية في الزراعة والغذاء والمياه والطاقة والدواء والأثاث واللباس والتعليم والنقل والإبداع.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن أسلوب الإغراق الإعلامي والأخبار المكثفة التي تتبعها الحكومة على طريقة المعلنين التجاريين اللحوحين لا تليق بالحكومة والسياسة والثقافة العامة، فهذا أسلوب يصلح لتسويق منتجات صغيرة وطارئة تحاول أن تجد مكانا في سوق راسخة ومزدحمة بالمنتجات المتراكمة، ولو كان الإعلام يحلّ المشكلات الاقتصادية والسياسية أو يصنع الانجازات التنموية والإصلاحية لملأت فضاء الإعلام وشبكات التواصل ووفرت على الحكومة كثيرا من النفقات والموارد العامة، وحلّت جميع المشكلات وضاعفت الناتج المحلي وسددت جميع ديون البلد وشغلت جميع العاطلين وزرعت الصحارى ووفرت بيتا لكل مواطن وحولت السهول والجبال الى غابات ومراعٍ وجعلت كل الجسور والواجهات جداريات فنية عظيمة وأجرت نهرا عظيما من شمال البلاد الى جنوبها وحولت البحر الميت الى بحيرة عذبة ممتدة الى طبريا! ما الفرق بين وعودي وقصصي هذه وبين وعود الحكومات والمسؤولين؟ الحكومة تضيع فرصة الصمت!
لا الاستثمارات الأجنبية التي حصلت على الأراضي والقطاعات والمرافق التي لا تحتاج الى مستثمرين ولا المنح والمساعدات الخارجية (أغلبها) أفادت المواطنين وحسنت حياتهم، فالمنح والمساعدات الخارجية لا تخرج عن كونها أموالا يدفعها الفقراء في بلد غني إلى الأغنياء في بلد فقير، لم تفعل المنح الخارجية سوى زيادة الأغنياء قوة وزيادة الفقراء تهميشاً وتبعية، وأطالت في بقاء وهيمنة نخب لا تعكس قواعد ومصالح اجتماعية، ليس لديها سوى التسول!
الحكومة تزدري المواطنين والقانون والعدل وسيادة الدولة والعادات والتقاليد والقيم والأعراف.. والدحنون أيضا.

الغد 2018-03-03



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات