"أكاديميون" بيننا!
نعلم أن هناك أوجه ضعف عديدة في التعليم الجامعي لدينا، ولكنني أترك هذا الأمر لغيري من المتخصصين في المساقات والبرامج، وأكتب عن أمر مخجل ولا يجوز أن يحصل.
وقع تحت يدي كتاب يفترض أن يكون مرجعيا في التخصص الذي يناقشه، لأحد "أقطاب" تدريس تلك المادة في إحدى الجامعات الأردنية، وقد كنت أحتاج إلى العودة فيه لمسألة معينة.
معظم فصول الكتاب موجودة بالحرف على المحتوى المشاعي في ويكيبيديا وغيرها.
هناك تباين كبير في حرفية ومهنية بعض الفصول، ما يدلل على أن الكاتب ليس واحدا، أو أن المترجم ليس واحدا.
تواصلت مع طلبة في تلك الجامعة، لأكتشف الحقيقة، فالأستاذ الجامعي يفرض على طلبته ترجمة فصول معينة، أي كل طالب يترجم فصلا معينا، ثم يأخذها الأستاذ، ويعمد إلى تجميعها ونشرها في كتاب باسمه.
هناك طلبة يلجأون إلى تحكيم ضميرهم في الترجمة، بينما آخرون يضعون النص على "مترجم غوغل"، ويكتفون بما يمنحهم إياه من معنى. فريق ثالث يبحث إن كان النص مترجما في الأصل، وما إن يجده حتى يسلمه كما وجده!
المشكلة أن الأستاذ الجامعي الجهبذ لا يكلف نفسه عناء النظر في الترجمات، بل يسارع إلى طباعة الكتاب باسمه، ليفرضه مرجعا على طلبته في الفصول والسنوات المقبلة.
طلبة هذا الأستاذ يتندرون بالقول إنه استطاع "تأليف" أكثر عشرة كتب في عام واحد!
لا يمكن أن يكون الأمر أكثر سوءا من وضع كهذا!
فحين يتخرج طلبة دراسات عليا في ذلك التخصص من تحت يدي أستاذ مثل هذا، فسنكون حينها عارفين بنوعية المخرجات التي تم القذف بها إلى سوق العمل!
لكن الأمر يطرح مسألة مهمة، وهو دور إدارة الجامعة أولا، وثانيا دور وزارة التعليم العالي.
الحكايات عن هذا الأستاذ بالذات، وعن غيره أيضا، لا تتوقف عند حد، ولا أظن بأن إدارة الجامعة، على أقل تقدير، لم تسمع من الطلبة تذمرا أو شكاوى عن الطريقة التي يدير فيها الأكاديمي المحترم فصله الدراسي، أو عن السرقات الأدبية العديدة التي ينتحلها، والتي استطاع من خلالها إصدار عشرات الكتب باسمه، في ما هو في الحقيقة لم يضع سطرا واحدا بقلمه أو فكره فيها.
الطلبة موجودون، وربما يستطيعون تقديم شهاداتهم، لكن الأهم من ذلك أن اسم الأستاذ الجامعي موجود لدي، وكتبه الكثيرة موجودة أيضا، وتستطيع أي جهة التحقق من الكلام الذي أورده هنا.
من العار أن يتلقى طلبتنا تعليمهم على أيدي مثل هذا الأستاذ الجامعي!
الغد 2018-03-16