هل ستكون بداية نهاية فيسبوك؟
لن تنتهي شبكة الاتصال الاجتماعي العملاقة فيسبوك بهذه الطريقة، بل ربما ستكون الضربة الاخيرة بداية لتحولات عميقة في الإعلام الاجتماعي والرقمي الذي بات يغير وجه العالم، فقد اكدت فضيحة الشركة البريطانية " كامبريدج أناليتيكا " التي اشارت الى التوّرط في استغلال سياسي لبيانات 50 مليون من مستخدمي فيسبوك في الحملة الانتخابية الاميركية الاخيرة ان هذه الوسائل باتت تتحول بالفعل من ادوات بأيدي الناس والمجتمعات الى ادوات بايدي السلطات.
الفضيحة الجديدة تهز اليوم عمالقة الإعلام الاجتماعي وادت الى خسائر لحقت بفيسبوك وصلت الى نحو 9 مليارات دولار بعد 48 ساعة من تسريب هذه المعلومات، القصة بدأها موظف سابق في الشركة البريطانية "كامبريدج أناليتيكا" اكد انه ساهم في 2015 بجمع بيانات خاصة عن ملايين الحسابات عبر الاستعانة بتطبيق اسمه "هذه حياتك الرقمية". قام أستاذ جامعي بتطويره حيث يعتقد ان هذه البيانات استغلت في الانتخابات الرئاسية الاميركية الاخيرة، ما يزيد الامر تعقيدا ان ادارة فيسبوك كان لديها علم بالاختراقات التي حدثت. ما يزيد من الشكوك التي باتت تهدد العملية الديمقراطية في جهات متعددة جراء الاستغلال الكبير لهذه الشبكات في التضليل السياسي وانتهاك الخصوصية.
منذ عام 2010 ازدادت الاتهامات لدور شبكات الإعلام الاجتماعي في انتهاك الخصوصية والاستغلال الحكومي لها. كان جوليان أسانغ، صاحب موقع ويكيلكيس، وصف فيسبوك عام 2011 بـ"أكبر آلة تجسس مروّعة اختُرعت على مدار التاريخ"، وفي اجواء الثورات العربية "الربيع العربي" خرجت حملة عالمية واسعة في الترويج لهذه الشبكات بأنها اداة العصر في صناعة الثورات وانها صوت الناس ووصفت قدراتها بفعل السحر في تحريك المجتمعات الراكدة، الى اليوم لم يحسم هذا الامر علميا ولم نعرف من كان له الدور الحاسم في الثورات العربية؛ المشهد التلفزيوني ام شبكات الإعلام الاجتماعي، لكن الواضح انه منذ ذلك الوقت ازداد استغلال هذه الشبكات من قبل حكومات ومنظمات وشركات لأجل نشر معلومات مضلّلة لأهداف سياسية، منها الأخبار الكاذبة، وتعميم المحتوى المضلل، واستخدام حسابات وهمية من اجل تصنيع الرأي العام والتأثير على اتجاهات الناس ومواقفهم، الى جانب طبيعة عمل الخوارزميات التي تقوم عليها هذه الشبكات التي تتيح مجالات واسعة للتضليل وخلق اتجاهات زائفة واختراق الخصوصية.
بسرعة صادمة يزداد كل يوم حجم التخوف من شبكة الانترنت، كيف باتت تهدد الديمقراطية في العالم، وكيف يستغلها السياسيون ورجال الاعمال في تزييف الوعي وفي التضليل. إن بعض الاكاديميين اليوم يذهبون الى ان شبكات الاتصال الاجتماعي باتت تتجه نحو ان تكون اكبر اداة للتضليل في التاريخ،. كان الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما قد قال قبل ثلاثة اشهر "إن من مخاطر الانترنت التي باتت مقلقة؛ أن الناس يعيشون في واقع افتراضي مختلف تماماً عن الواقع، وأن الناس قد يتقوقعون فقط في إطار المعلومات التي تنحاز إليهم". فوق ذلك نجد أن التيار الجارف لقوة هذه الشبكات يعمل بتحالف علني وخفي بين السياسيين ورجال الأعمال على اضعاف الإعلام المهني بمعنى إضعاف الفرص امام الافراد والمجتمعات في التمتع بحق المعرفة بحرية اي الوصول الى معرفة نزيهة تنطوي على تنوع وتعددية حقيقية.
الغد 2018-03-24