(قم مع المعلم)
يصر دوما وزير التربية والتعليم النشط والمبادر عمر الرزاز على تأكيد مدى انسجامه مع قناعاته التي يؤمن بها، ومدى نجاحه في ادارة ملف مهمته التي اوكلت له، وهو ملف كبير وشاق وصعب، وكيف لا ونحن نتحدث هنا عن ملف "التربية والتعليم".
لست بصدد الحديث هنا عن الملفات الشاقة التي استطاع الرزاز التعامل معها بحرفية، اولها ملف المناهج، وغيرها، ولكني اردت ان اثمن موقفه واستجابته غير المترددة لمطالبات حملة (قم مع المعلم) التي كانت تتضمن تحويل رواتب المعلمات للبنوك حفاظا على حقوقهن، حيث اعلن أنه سيتم ربط ترخيص المدارس الخاصة للعام المقبل، بإرفاق كشوفات تحويل رواتب معلميها إلكترونيا للبنوك أو للمحافظ الإلكترونية، معتبرا ان من واجب الوزارة ضمان حقوق العاملين في هذه المدارس.
(قم مع المعلم) اطلقت حملة جمع تواقيع لمطالبة وزارة التربية والتعليم ومؤسسة الضمان الاجتماعي بإيجاد آلية لضبط تهرّب أصحاب العمل من تحويل رواتب المعلّمات والمعلمين للبنوك، وهو الامر الذي استجاب له وزير التربية والتعليم النشط عمر الرزاز ووعد بتحقيقه.
هذا الموقف الايجابي جاء في وقته وخاصة في ظل ارتفاع شكاوى هذا القطاع من حملات التفافية تقوم بها بعض المدارس، بحيث لا يتم اشراك المعلمات بالضمان او عدم الإفصاح عن المبلغ الحقيقي التي يتم تسليمه للمعلم والذي يكون غالبا اقل من الحد الادنى للأجر.
طبعا الكلام هنا ليس عن كل المدارس الخاصة، اذ ان هناك مدارس لا ترضى على نفسها ولا على اسمها وسمعتها ان تمارس مثل تلك الممارسات غير الانسانية، ولكن هناك مدارس خاصة صغيرة تقوم بتلك الافعال وتمارسها سنويا، وربما جاء موقف الوزارة الذي عبر عنه الوزير ليضع حدا لحملات الالتفاف التي كان يتعرض لها المعلم.
الوزارة من الواضح انها تعرف أنه رغم العمل بالعقد الموحد الجديد الذي تنص المادة "5" منه على إلزام المدارس الخاصة ورياض الأطفال كافة بتحويل رواتب العاملين لديها إلى البنوك المعتمدة في الأردن إلا أنّ بعض أصحاب العمل في المدارس الخاصة وجدوا طرقا للتحايل على القوانين، اذ ان هذا البند ينتهي بجملة مفادها أنه إذا رغب الطرف الثاني وهو المعلّمة بالتنازل عن هذا الحق كتابيا فلا إلزام على أصحاب العمل بالتحويل، وهذا ما قام به عدد من أصحاب المدارس بعد مضي الشهر الأول من السنة الدراسية الجديدة؛ حيث قاموا بتوقيع المعلّمات على أوراق تفيد بأنهّن يتنازلن عن تحويل رواتبهن للبنك لأسباب شخصية.
لذا فإن الوزارة عليها تعديل نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة لضمان التزام هذه المؤسسات بتحويل الرواتب الشهرية المستحقة للمعلمين والمعلمات إلى البنوك أو إلى المحفظة الإلكترونية في البنك المركزي الأردني، واعتبار التزام المؤسسات التعليمية الخاصة بذلك شرطا اساسيا لتجديد ترخيصها.
حملة "قم مع المعلم" التي اطلقتها مجموعة من المعلمات في العام 2015، وجدت قطاع التعليم الخاص من أكثر القطاعات، التي يوجد فيها إجحاف بحق العاملين من ناحية أجورهم، إلى جانب قطاع الصحة والصناعات الخفيفة، والمعلمات هن اللواتي يقمن بإدارة هذه الحملة والقائمات عليها؛ حيث تديرها تسع من المعلمات المؤهلات.
عندما تستمع لبعض المعاناة التي يعبر عنها اعضاء الحملة ومدى الظلم الذي يتعرض له المعلم من اصحاب بعض المدارس الخاصة، فانك لا تملك الا رفض هذا الامر سيما وان اولئك المظلومين هم الذين نضع بين ايدهم فلذات اكبادنا لتعليمهم الاخلاق والقيم والحب والعطف والمساواة وعدم التجبر وغيرها من قيم انسانية يتوجب المحافظة عليها في نفوس وعقول الجيل القادم.
بقاء معاناة المعلمات سينتج بكل تأكيد جيلا متنمرا يرفض الآخر ولا يقبل الحوار ويعتقد ان البلطجة والاعتداء على الآخرين هي الوسيلة المفترضة للحصول على ما يريد، لذا فان الدفاع عن حق المعلم واجب اساسي لبناء مؤسسة التربية اولا والتعليم ثانيا.
الغد 2018-03-28