تقرير السعادة العالمي لعام 2018
توجهت الأمم المتحدة إلى إصدار تقرير حول مقياس السعادة لدى الشعوب على مستوى العالم منذ عام (2011) وصدر التقرير الأول عام (2012) وشمل (156) دولة، عن طريق شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، وتستعين الشبكة في إعداد تقريرها بمجموعة من كبار الخبراء في العديد من المجالات الاقتصادية وعلم النفس والتحليل الاستقصائي، والاحصاءات الوطنية للدول، بالتعاون مع منظمة التعاون والتنمية، ومن خلال الاعتماد على تقرير التنمية البشرية، ورصد مؤشرات الرفاه والوقوف على الآثار العامة المترتبة على السياسات العامة المتبعة لدى السلطات الحاكمة.
يهدف التقرير إلى إحداث أثر إيجابي في توجيه سياسات الدول المتبعة في إدارة الشؤون الاقتصادية والسياسية في التعامل مع شعوبها من خلال مجموعة معايير ومؤشرات محددة تتعلق بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والرعاية الاجتماعية ومتوسط الأعمار، والحريات العامة، وغياب الفساد لدى الحكومات، بالإضافة إلى سخاء الدولة على مواطنيها والدعم الاجتماعي.
بحسب تقرير عام (2018) جاءت فنلندا في المرتبة الأولى على مستوى العالم ثم جاءت في المرتبة الثانية النرويج، واحتلت المراتب الأولى معها الدنمارك وأيسلند وسويسرا وهولندا، وكندا والسويد واستراليا، بينما جاءت بورندي في المرتبة الأخيرة على مستوى العالم ورقمها (156) ثم يليها بالترتيب كل من افريقيا الوسطى وجنوب السودان وتنزانيا واليمن ورواندا وسوريا وليبيريا وهايتي وجزر مالاوي.
ما يهمنا في هذا التقرير هو الإشارة إلى وضع السعادة لدى الشعوب العربية، فهناك تفاوت كبير وتباين ضخم بين حالات الشعوب العربية، حيث تحتل الامارات المرتبة الأولى عربياً، واحتلت المرتبة (20) على مستوى العالم ثم تليها قطر وتتبعها الدول الخليجية تباعاً، بينما جاءت كل من اليمن وسوريا في آخر دول العالم مع بعض الدول الافريقية، وكانت الإشارة إلى مجمل الدول العربية غير مريح ولا يبعث إلى الطمأنينة، والأمر الآخر أن مراتب بعض الدول العربية تتراجع نحو الخلف بين سنة وأخرى،
يجدر بالحكومات العربية أن ترصد أوضاعها بحسب التقارير العالمية وأن تنظر إلى مرتبتها على مستوى دول العالم في كل من تقرير التنمية البشرية وتقرير مؤشرات الديمقراطية وتقرير السعادة العالمي، حتى ترى حقيقة ما تقوم به إزّاء شعوبها وأين هي مما تقوم به الدول الأخرى، وأكثر الجهات معنية بذلك هي وزارات التخطيط، وينبغي على وسائل الإعلام أن تنشر هذه التقارير وأن تضعها بين أيدي الكتّاب والقراء والمحللين، وأن تكون موضوع حوار وجدال بين المراقبين وبين أصحاب القرار.
أما الملاحظة الجديرة بالاهتمام تلك المتعلقة بمستوى الوعي لدى الشعوب، إذ إن هناك ارتباطا وثيقا بين الشعور الحقيقي بالسعادة وبين تطور المعايير والمقاييس المعتمدة في قياس مستوى السعادة لدى البشر، فينبغي أن لا ترتبط السعادة بمستويات المعيشة على حساب الكرامة الآدمية وممارسة الحريات العامة والتمتع بالحقوق السياسية المتعلقة باختيار الحكومات وامتلاك القدرة على مراقبتها في المرتبة الأولى.
الدستور 2018-03-28