مسيرة العودة.. هواجس ازنكوت وأوهام النخبة
ما يقلق قادة الكيان وعلى رأسهم قائد هيئة الاركان غادي ازنكوت، المكلف بالتصدي الميداني لمسيرة العودة، لها ما يبررها في ظل تردي الاوضاع الانسانية في قطاع غزة والتوتر الحاصل في الضفة الغربية؛ نتيجة للسياسات الصهيونية والامريكية التي تميزت باستهدف القدس، وتعزيز الاجراءات الاستيطانية والعنصرية التي طالت فلسطيني 48 والتي جاء الرد عليها بإطلاق سلسلة من الفعاليات الفلسطينية كان ابرزها اطلاق مسيرة العودة يوم غد الجمعة.
التصعيد وحالة التدهور باتت هاجسا للقيادات الامنية، وعلى رأسها الرئيس هيئة الاركان المطالب بأن يواجه لوحده هذا التحدي، في حين تنشغل النخبة السياسية الاسرائيلية وعلى رأسها نتنياهو في صراعات سياسية وازمات قانونية واوهام سياسية مفرطة بالتفاؤل ارتبطت برفع سقف التوقعات والطموحات الصهيونية بعصر من التطبيع والازدهار في العلاقة مع الدول العربية، معززة بصفقة القرن المزعومة؛ فحديث النخبة السياسية عن المشاريع الكبرى يواجه بحقائق ميدانية يخشى قائد هيئة الاركان الصهيونية ازنكوت العجز والفشل في مواجهتها.
رئيس هيئة الاركان جيش الكيان الاسرائيلي غادي ازنكوت تحدث بتشاؤم كبير عن امكانية اندلاع مواجهة في الاراضي الفلسطينية، تمتد الى الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة. تصريحات ازنكوت نشرتها صحيفة هارتس بقوله ان «إمكانية التصعيد والمواجهة العسكرية مسألة وقت، وخاصة على الساحة الفلسطينية»، مؤكدًا «أن الأوضاع قابلة للانفجار في أي لحظة بالأراضي الفلسطينية المحتلة».
تحذيرات ازنكوت ارتبطت بقوة بالدعوات المعلنة لإطلاق مسيرة العودة في الاراضي الفلسطينية وخارجها لترفع من مستوى التأهب والتوتر لدى القيادات الامنية الصهيونية المتخوفة من تداعيات هذه الخطوة القابلة لأن تتطور الى مواجهة عسكرية واسعة مع الفلسطينيين في قطاع غزة تترافق مع انفجار الاوضاع الامنية والاحتجاجات في الضفة الغربية.
التحذيرات الصهيونية جدية خصوصا بعد ان تمكن عدد من الفلسطينيين من اجتياز الشريط الامني مع قطاع غزة وإحراق آليات اسرائيلية تعمل على بناء الخنادق وتدمير الانفاق؛ ما يعني ان وجود جمع كبيرة من الفلسطينيين من الممكن ان يقود الى تحركات اوسع لاجتياز الحدود باتجاه لاراضي المحتلة عام 48، فضلا عن هجمات بالاسلحة البيضاء وعمليات دهس للمستوطنين خلال الايام القليلة الماضية أوحت باحتمال اطلاق الفلسطينيين لحملة واسعة في الضفة الغربية واراضي 48.
التحرك الفلسطيني في قطاع غزة لا يقتصر على الاعداد الكبير للنشاط الميداني بل يتخذ طابعا قانونيا ايضا بالرسالة التي وجهتها للجنة التنسيقية الدولية لمسيرة العودة عبر ممثلها زاهر البيراوي الى الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس داعيا المنظمة الدولية الى دعم الحقوق الفلسطينية والمسيرة بحد ذاتها باعتبارها فعلا قانونيا مشروعا.
الاستعدادات لمسيرة العودة والتحضيرات والترقب انتقلت الى دائرة الاهتمام والحدث قبل انطلاقها بالتحذيرات الصهيونية والاستعدادات التي دفعت الكابينت الصهيوني للانعقاد لمناقشة سبل احباط واحتواء ومواجهة التحرك الفلسطيني، كما انها ستتحول الى الحدث الاقليمي الابرز لتطغى على سائر الاحداث الاقليمية التي شغلت صناع القرار والشبكات الاعلامية المحلية والعالمية.
فالمسيرة تزعزع الكثير من المشاريع والجهود التصفوية الامريكية والصهيونية لتمرير صفقة القرن، او لتوسيع دائرة التطبيع والتحالفات مع الدول العربية، وتهدد بتعطيلها وافشالها في نفس الوقت، خصوصا اذا توسعت المواجهة بين الفلسطينيين والكيان واتسعت لتشمل لبنان وسوريا.
الصورة المتشائمة لا تقتصر عند حدود قائد هيئة الاركان؛ اذ نشر مؤخرا تقرير يستطلع آراء ستة من قادة جهاز الموساد الصهيوني السابقين، عكست تشاؤما كبيرا للمستقبل الذي ينتظر الكيان الاسرائيلي؛ فالقلق مستعر في نفوس النخبة الاسرائيلية الامنية، وشعور بإحباط واضح من سلوك النخبة السياسية وتهورها وحساباتها الضيقة؛ فالنخبة الامنية ترى نذر مواجهة مقبلة في الاقليم الكيان سيكون في مركزها ومحورها بعد ان تجنب ولفترة ليست بالقصيرة مخاطر الانهيارات والصراعات المندلعة في الاقليم.
السبيل 2018-03-29