ما هي آفاق الإسلام السياسي؟

تم نشره السبت 07 نيسان / أبريل 2018 12:33 صباحاً
ما هي آفاق الإسلام السياسي؟
محمد ابو رمان

صدر (قبل أيام قليلة) كتاب "آفاق الإسلام السياسي في إقليم مضطرب: الإسلاميون وتحديات ما بعد الربيع العربي" (باللغتين العربية والإنجليزية)، وهو عبارة عن وقائع الأعمال والأوراق والنقاشات التي جرت خلال مؤتمر العام الماضي، الذي أقامته مؤسسة فريدريش أيبرت الألمانية في عمّان، بحضور نخبة من الباحثين والدارسين العرب والغربيين لهذه الحركات.
الكتاب يتناول ما حدث من تطورات وتغيرات لدى الحركات الإسلامية وفي البيئات السياسية والاجتماعية العربية التي تعمل بها، منذ حقبة الثورات الشعبية العربية، وقسّم النماذج إلى ثلاثة رئيسية: الأول هو نموذج الإسلاميين في السلطة، كما كانت حالة مصر (قبل الانقلاب العسكري في 2013)، والمغرب وتونس، والإسلاميون في ديناميكية الحروب الأهلية العربية (كما هي حالة سورية، العراق واليمن)، والإسلاميون خارج السلطة، لكن ضمن قواعد اللعبة السياسية (كما هي حالة الكويت والجزائر)، بينما تمّ تخصيص فصل خاص عن الحالة الأردنية والنقاشات فيها، وضمت كلا من زكي بني ارشيد، وغيث القضاة عن الشراكة والإنقاذ، ود. نبيل الكوفحي عن حزب زمزم، ود. نفين بندقجي كباحثة أردنية متخصصة بالحركات الإسلامية.
فصول الكتاب (الذي شارك فيه 13 باحثاً) غنية بالتحليلات والمعلومات عن واقع الحركات الإسلامية والمخاض الذي مرّت به تلك المجتمعات، منذ الربيع العربي، وتحمل مؤشرات على الآفاق والسيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة.
لكن إذا كانت هنالك ملاحظات رئيسية يمكن أن نلخّصها في هذا المقال القصير عن الكتاب، فيتمثّل أبرزها في الخطأ الفادح في التعامل مع الحركات الإسلامية بوصفها "كتلة متجانسة واحدة"، أولاً، فهنالك من الواضح تباينات، قد تصل إلى درجة التناقضات في خطاب وأدوات ورؤية تلك الحركات، بحسب الاتجاه الأيديولوجي والشروط الاجتماعية والسياسية التي تعمل بها، وثانياً أنّ هذه الحركات ليست معزولة ولا منقطعة عن الأنساق والسياقات، فهي تعمل بداية في إطار نسق اجتماعي وسياسي وثقافي يؤثّر عليها، ويلعب في كثير من الأحيان دور "العامل المستقل" (أي المؤثر)، بينما خطاب تلك الحركات يكون بمثابة العامل التابع (أي المتأثر)، وهي لاحقاً مرتبطة بسياقات اجتماعية وثقافية وسياسية عامة.
يترتب على هذه النتيجة أنّ آفاق تلك الحركات ومستقبلها ليست موحّدة ولا واحدة بالضرورة، فنجاح التجربة في المغرب، لا يعني النتيجة نفسها في الأردن مثلاً، وهكذا، وكذلك الأمر أنّ ذلك -أي مستقبل تلك الحركات- ليس منعزلاً ولا معزولاً عن مستقبل المجتمعات والدول، فلاحظنا كيف أنّ الدول التي نجحت فيها العملية الديمقراطية نسبياً ومرحلياً، مثل المغرب وتونس، توجّه أبناء الحركات فيها إلى البراغماتية أكثر، بينما الدول التي عصفت بها الحروب الأهلية انتشرت وظهرت التيارات المتطرفة والمتشددة وانتعشت فيها سوق السلفية الجهادية!
من النتائج المهمة -التي تحتاج إلى تفصيل لاحقاً- أنّ الأسئلة البحثية المتعلّقة بالحركات الإسلامية شهدت تغيرات وإزاحات كبيرة، وحقل دراسة هذه الحركات من المفترض أن يتحرك إلى مساحات أخرى، فسابقاً، مثلاً، كان التركيز على سؤال الديمقراطية وموقف الحركات منها، لاحقاً لم يعد هذا السؤال يكفي، فهنالك أسئلة أخرى، مثل علاقة الديمقراطية بالدين، وموقف الحركات الإسلامية من قضايا عديدة، طرحت نفسها، والأبعاد الإقليمية والدولية أصبحت مدخلات مهمة في فهم الحركات الإسلامية اليوم.
هذه النتائج والنقاشات ولّدت فكرة المؤتمر الجديد، الذي سيعقده مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية مع مؤسسة فريدريش أيبرت الألمانية، في مطلع شهر أيار (مايو) المقبل، في عمان، بحضور عدد كبير من الخبراء العرب والغربيين لمناقشة ما يسمى بآفاق "ما بعد الإسلام السياسي" والمؤشرات الجديدة المرتبطة بتوجهات فصل الدعوي عن السياسي والدولة المدنية.

الغد - الجمعة 6/4/2018

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات