قصة نجاح لها ما بعدها

تم نشره الثلاثاء 08 أيّار / مايو 2018 12:41 صباحاً
قصة نجاح لها ما بعدها
جميل النمري

رغم أن الانتخابات جرت في أجواء تنافسية نظيفة، والاقتراع والفرز كانا حضاريين في ليلة عرس ديمقراطي مشهودة لم تشبها شائبة، فإن المداخلات عبر وسائل التواصل الاجتماعي شابها الاحتقان وافتتحها نائب إخواني بوصف بعض أطراف التحالف الفائز بالمثليين (الشواذ) والماسونيين، واضعا إياهم (كالعادة) في سلة واحدة مع العلمانيين واليساريين والقوميين الخ.. إضافة الى اتهام الدولة وأجهزتها بالتدخل، لكن أين كان هؤلاء في الدورات السابقة التي فاز بها بلا انقطاع التيار الإسلامي الذي يضم الإخوان ومستقلين؟ وهل يمكن أن نفترض في وضع ديمقراطي أن يستمر طرف واحد في السلطة الى ما لا نهاية؟! والحقيقة أن التيار الإخواني تراجع في جميع النقابات أو عاد التداول بينهم وبين غيرهم باستثناء نقابة المهندسين، وقد أصبحت قلعتهم الأخيرة الكبرى التي يستميتون دفاعا عنها ولم ينجحوا بذلك إلا بسبب فشل الآخرين (القائمة الخضراء) في مغادرة العقلية والأساليب ونمط التحالفات القديمة، ويسجل لتحالف "نمو" التجديد الذي حقق مؤخرا الفوز، وهذا التجديد هو ما أريد تقديم إضاءة حوله.
ما حدث في نقابة المهندسين يمثل نموذجا لما يكون عليه نظام الثنائية القطبية الذي يختصر جميع الفاعلين في معسكرين اثنين يحقق أحدهما الأغلبية الشرعية ليحكم، والنموذج الأكمل لهذا النظام هو السائد في الولايات المتحدة، فالحزبان الكبيران هناك هما مجرد آلية لغربلة المتنافسين لينتهوا الى اثنين، ويتم ذلك عبر انتخابات أولية تغربل المتنافسين لكي يتقدم كل معسكر موحدا خلف المرشح وقاعدة الحزب الديمقراطي تمتد من أقصى اليسار الى الوسط الليبرالي طوعا أو قسرا، فأقصى اليسار عندما يظهر أقلية فليس له إلا أن يدعم الأقرب اليه فالأبعد فالأبعد وهكذا.. شيء من هذا القبيل تحقق لقائمة "نمو"، فقد قررت بعض قيادات الخضراء أن تخرج من الإطار الذي يقيد الخضراء بحلقة ضيقة من القيادات الحزبية وغير الحزبية لما يطلق عليه التيار القومي واليسار وبناء تحالف جديد أكثر مرونة وأوسع مدى يشمل مهنيين غير معنيين بالسياسة بل بالعمل النقابي المهني، لكن هذا لم يعجب آخرين في الخضراء، فنزل الطرفان في قوائم للشعب الهندسية المجلس المركزي، ففاز الإسلاميون مرة أخرى لكن فاز معهم عدد من قائمة "نمو" بما يمكنها من التقدم لانتخابات النقيب ومجلس النقابة ولم يعد أمام بقية الخضراء وأطراف أخرى لا تجد نفسها مع الإسلاميين أو فاض الكيل معهم للتفرد الطويل بالنقابة، فتشكلت قاعدة عريضة أوسع تمكنت من الفوز الذي أخذ في عدد من المحافظات طابع الاكتساح.
لقد كانت عملية ديمقراطية نموذجية تضمنت دروسا باهرة ورسمت طريقا للعمل يمكن البناء عليها ليس في نقابة المهندسين فقط بل في بقية النقابات المهنية وفي البلد. وطبعا ليس بالضرورة أن تكون الثنائية القطبية هي النظام الأنسب في كل مكان وزمان، لكن في النقابات فهي ضرورة وواجب لأن هناك طرفا سياسيا واحدا واضحا ومميزا وقويا ومن حوله حالة هلامية مفتتة تمتد من الأحزاب اليسارية والقومية القديمة والوسط القريب منه وصولا الى المستقلين والليبراليين والمحافظين بأنواعهم، وكان الإخوان أكثر قدرة على جذب المحافظين النقابيين لأنهم يعطونهم الفرصة لتحقيق طموحهم وحجز مقاعد في المجالس، بينما التيار القومي واليساري (كان ممثلوه بالكاد يحقق كل واحد طموحه بحجز مقعد في التحالف ناهيك عن المزاحمات السقيمة للفوز بأكثر من مقعد أو التواطؤ مع الجهة المنافسة للحجب وتبادل الأصوات). إذن يصبح السؤال والتحدي هو كيف تتوصل الى معادلة وآلية للتصفية الداخلية بمشاركة طيف واسع يمتد الى الطرف الأبعد الذي يمكن وصله للمشاركة في تصفية اختيار تؤدي لوقوف الجميع وراء قائمة واحدة، وللحديث بقية.

الغد - الثلاثا 8/5/2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات