خيط ضوء في نتائج الانتخابات العراقية؟!

تم نشره الإثنين 14 أيّار / مايو 2018 12:25 صباحاً
خيط ضوء في نتائج الانتخابات العراقية؟!
جميل النمري

تصدرت القوائم الشيعية الانتخابات العراقية بالترتيب الآتي: قائمة النصر (رئيس الوزراء حيدر العبادي)، قائمة سائرون (مقتدى الصدر)، قائمة الفتح (هادي العامري قائد الحشد الشعبي)، قائمة دولة القانون (المالكي)، والمرجح أن تتحالف قائمتا العبادي والصدر الأعلى أصواتا مقابل قائمتي المالكي وهادي الأقرب لإيران، ثم هناك القائمة الخامسة الشيعية بزعامة عمار الحكيم (الحكمة) التي ستنضم الى أحد الحليفين اللذين سيبحثان لتشكيل الحكومة الاتحادية عن حلفاء من الأكراد؛ حيث يستمر الحزبان الكبيران الوطني الكردستاني الذي يتصدر في السليمانية، والديمقراطي الكردستاني الذي يتصدر في أربيل، ومن السنة الذين تتصدرهم قائمة القرار برئاسة النجيفي وقائمة الوطنية (إياد علاوي) الوحيدة العابرة للطوائف. ثم هناك قوائم محلية صغيرة ومرشحو الأقليات الدينية والعرقية. وخاض الانتخابات أكثر من 300 قائمة و7 آلاف مرشح في 18 محافظة للمنافسة على 392 مقعدا، وهو عدد هائل مقارنة مع الأردن مثلا.
سيكون تشكيل الحكومة صعبا بسبب التفتت الشديد للتركيبة البرلمانية المكونة من عشرات عدة من الائتلافات والمستقلين، وليس هناك فئة تملك أي أغلبية، ناهيك أنه من غير الوارد تشكيل حكومة من دون أن تشارك فيها قوى رئيسية من المكونات الثلاثة الرئيسة؛ الشيعي والسني والكردي، وبنسب مقبولة من كل طرف، مع التسليم سلفا بغلبة المكون الشيعي والمنقسم هو نفسه الى خمسة ائتلافات رئيسة الى جانب مجموعات أصغر؛ أي أن ائتلافا حكوميا سيخضع لمقايضات مضنية لأطراف عديدة، وقد تمر أسابيع طويلة قبل التمكن من تحقيق تفاهم معقول يملك الأغلبية وبمشاركة من الأطراف الثلاثة الرئيسة؛ أي الشيعة والسنة والأكراد، ولن يكون سهلا التفاهم على القضايا الوطنية الرئيسة والمحاصصة من قبل القوائم الرئيسة الكردية والسنية مع القوائم الشيعية حتى مع تلك الأقل ارتباطا بطهران بسبب التباين الشديد في الأجندات والمصالح. وفي كل الأحوال، ستبقى الحكومة محكومة بالهشاشة الشديدة، وفي الأثناء بقاء كبار النافذين ماليا وميليشياويا بمفاصل السلطة الفعلية وبقاء الفساد العارم ونهب المال العام وترحيل المشاكل العويصة مثل التوازن بين المكونات والصراع الديموغرافي في بعض المناطق وقضايا المهجرين وإعادة الإعمار.
لكن تشكيل الحكومة ليس المشكلة الجوهرية، فما يحتاجه العراق هو توفر إرادة سياسية قوية جدا لتجاوز المصالح الطائفية والشخصية والإقدام على عملية سياسية مختلفة تحقق الشراكة الوطنية لمرحلة انتقالية يعاد فيها بناء الدولة العراقية وإصلاح المؤسسات، لكن من هي الجهة التي تملك هذه الإرادة والقوة الكافية لقيادة هذا المشروع؟! وحسب التحليلات لمدخلات العملية الانتخابية وهي كانت تحليلات شديدة القتامة والتشاؤم، فليس متوقعا أن تكون المخرجات مختلفة، وقد سادت الانتخابات نفسها مظاهر شراء الأصوات والاستخدام البشع للمال الى جانب اتهامات التزوير والتلاعب بالانتخابات هنا وهناك، ولعل النتيجة السلبية الرئيسة هي تراجع الإقبال على الانتخابات (45 % مقابل 65 % في الانتخابات السابقة)، بما يعكس تراجع ثقة الناخبين بالانتخابات والقوى الموجودة المسؤولة عن الفساد والتدهور العام.
تقدم العبادي والصدر يمكن النظر له إيجابيا باعتبارهما أقل طائفية وتبعية لإيران وأكثر انفتاحا على الشراكة الوطنية. رغم تصريح هيئة الانتخابات بالتحفظ على أي أرقام واعتبارها إشاعات بانتظار النتائج الرسمية التي ستحتاج إلى يومين على الأقل. والتفاؤل بتصدر هذين الحزبين هو من باب البحث عن خيط ضوء في المشهد العام القاتم للعراق العزيز.

الغد - الاثنين 14/5/2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات