" ضاعت القدس يا ام عصام" !!
بعد عدة ايّام من إنتهاء حرب حزيران عام 1967، أتمت قطعات الجيش العربي إنسحابها من القدس وفلسطين، عاد والدي رحمه الله الى البيت أشعث الشعر ، منهك شاحب الوجه ، وكان الحزن بادياً على وجهه حتى انه لم ينظر في عيوننا التي كانت تلاحق حركاته، خلع بزته العسكرية وألقاها نحو والدتي ودخل الى غرفته واغلق الباب خلفه .. وما هي الا ثواني حتى سمعنا صوته الى خارج الغرفة يجهش بالبكاء ، كان يبكي بحرقة قهراً على خسارة القدس وفلسطين وهو الذي قاتل للإحتفاظ بها في حرب 48 ، دخلت والدتي الغرفة مسرعة تستطلع الأمر فقال لها وهو يمسح دمعه بيديه " ضاعت القدس يا ام عصام" !! اليوم عرفت وفهمت ما كان يقصده، ومعنى تلك الكلمات التي ما زال صداها يتردد في أذناي كلما تذكرت القدس !! القدس وإن ضاعت وخسرناها من 51 سنة، ستبقى عربية وستعود مهما طال الإحتلال ... رحم الله الأباء الشرفاء الذين زرعوا فينا الحمية والوطنية ومحبة الأردن وفلسطين، ورحم شهداء جيشنا العربي الأبطال.