الابتعاد عن "حافة الهاوية"!

تم نشره الجمعة 08 حزيران / يونيو 2018 12:42 صباحاً
الابتعاد عن "حافة الهاوية"!
محمد ابو رمان

 بالرغم من تحقيق مطالب عديدة للمحتجين من إيقاف قرار المحروقات إلى استقالة الحكومة، وتكليف شخصية ديمقراطية إصلاحية، عمر الرزاز،  مع الرسائل المتتالية بإعادة فتح مشروع قانون الدخل للحوار، والتعهد بذلك على أكثر من صعيد، فإنّ الاحتجاج العام لم يتوقف، ففي الأمس كان هنالك إضراب دعت إليه النقابات المهنية، واعتصامات مستمرة ومسيرات في عمان والمحافظات.
       في البداية لم يكن هنالك إدراك لدى الأغلبية العظمى، سواء في الحكومة أو الشارع، لحجم الاحتجاج ومداه وطبيعته، لكن مع نجاح الإضراب الأول، وتزايد حجم المعتصمين والمحتجين في المحافظات المختلفة، وتقديم المسؤولين تنازلات متعددة، كل ذلك حمّس الشباب لتحقيق نتائج أكبر، وتغييرات أعمق ونوعية.
       لو جاء د. الرزاز في وقت آخر لربما اعتُبر ذلك انتصارا للتيار الديمقراطي- الإصلاحي، لكن التوقيت وضعه في أزمة قبل أن يبدأ، وتحوّلت نسبة من الشعارات ضده، وهو آخر ما كنتُ أن أتخيل رؤيته بأن يُهتف ضد الرجل في الشارع، لكن السبب الجوهري ليست شخصيته، وإنّما أنّنا ندفع كلفة باهظة في هذه اللحظة الحرجة والمنعطف الخطير لترسّبات كبيرة من فجوة الثقة والمصداقية بين الشارع والحكومات، فلا يوجد هنالك لدى الجيل الشاب أي تصديق لما يصدر عن المسؤولين وعن نواياهم!
       كنتُ أودّ أن نتجنب اليوم التلاوم والحديث عن المرحلة السابقة؟ لكن من الضروري ألا تمرّ الأمور دون أن نذكّر بما كنا نتحدث به كثيراً من خطورة الانهيار في مصداقية الطبقة السياسية، وشعبية الحكومات والثقة فيها، وهو ما تبدى في استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية الأخير عن حكومة الملقي، الذي كان من المفترض أن يقرع أجراس الإنذار، لكن الاستخفاف به كان عنوان الموقف الرسمي!
       حتى نتجاوز هذه اللحظة ونفكّر في المستقبل وفي كيفية مواجهة التحديات الصعبة فمن الضروري أن نبتعد فوراً عن "حافة الهاوية"، ما يستدعي أن يخرج المسؤولون من منطق الحوار مع أنفسهم إلى الحوار الحقيقي مع الشارع، وإرسال رسائل نوايا حسنة، بخاصة ما يتعلق بالإصلاحات وبقانون الدخل، تؤكّد على أنّنا على أبواب مرحلة جديدة بالأدلة والبراهين، وستكون تشكيلة الحكومة مؤشراً مهماً جداً وحاسماً.
      ومن الضروري أيضاً الحفاظ على سلمية المشهد وحضاريته لأنّه بحدّ ذاته ضمانة من الانجراف إلى ما هو أسوأ، على التيار العام من المحتجين أن يمنع سلوكيات سيئة ومستفزة، وعلى المسؤولين في المقابل إبعاد "الرؤوس الحامية" عن اتخاذ قرارات وممارسة سلوكيات قد تخرّب كثيراً مما بني في المرحلة الماضية، والأهم تجنب الاصطدام في الاعتصامات السلمية والابتعاد عن استخدام القوة.
       النسبة الكبيرة من المحتجين هم من أبناء الوطن وتحديداً من جيل الشباب المثقف الذي يتعطش للتغيير والإصلاح الحقيقي، والمطلوب في هذه اللحظة كسبهم وليس خسارتهم، التجسير معهم وليس الهجوم عليهم، كيف يمكن ذلك هذا هو التحدي الكبير، وهو الذي من الضروري الإسراع فيه من قبل الرئيس الجديد، وعامل الوقت مهم للغاية، وعدم إدراكه يجذّر المشكلة كما حدث في الفترة الماضية.

الغد - الخميس 7/6/2018



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات