ما لا يعرفه كوشنير
مقابلة كوشنير التي أجراها على صفحات جريدة القدس المقدسية، قبل أيام، أثبتت انه لا يعرف الفلسطينيين جيدا، لم يقرأ تاريخ نضالهم، وانه اختزالي إلى حد الغطرسة.
الرجل يرتدي نظارته الايدولوجية الصهيونية فقط، يرفض خلعها، حتى انه لم يذكر الدولة الفلسطينية نهائيا إلا من باب مطالبة العرب بها.
الأهم في مقابلة كوشنير، أن نفهم كيف يرى الرجل الفلسطينيين، أنهم عنده ديموغرافيا بدون جغرافيا، لا يعترف بالأرض، وإنما بكتلة بشرية هائمة على وجهها يمكن أن تغريها بحوافز اقتصادية لتقبل بمشروعه.
ثم يحاول كوشنير التفريق بين الجمهور الفلسطيني وقيادته السياسة، حيث يرى أن الجمهور غير مهتم بالحقوق الوطنية، إنما يريد حياة أفضل اقتصاديا، على عكس القيادة التي تطالب بامتيازات سياسية.
هنا تحديدا أرى أن كوشنير لا يعرف الفلسطينيين نهائيا، فالجمهور متقدم جدا على قيادته بشأن المطالب الوطنية، ولو قرأ التاريخ بهدوء لعرف أن رفض عرفات لكامب ديفيد 2000 كان سببه خوفه من الجماهير الفلسطينية.
ما لا يعرفه كوشنير أن الجماهير الفلسطينية أطلقت شرارة انتفاضة 1987، إيمانا بالحقوق الوطنية رغم الرخاء الاقتصادي النسبي في حينها.
ما لا يعرفه كوشنير المتصهين أيضا، أن الفلسطينيين، قيادة وجمهورا، لا يمكنهم التفكير باستبدال القدس والجغرافيا والأرض بالسلام الاقتصادي الذي يعتقد انه مشروع جديد على الفلسطينيين.
كوشنير في مقابلته مع الصحيفة الفلسطينية أراد أن يخاطب الفلسطينيين ببساطة، فيقول لهم: سندفع لكم مالا، مقابل أن تتنازلوا عن وطنكم "فلسطين".
كلامه، لا يختلف عن كل عروض الخيانة، بيعا وشراء، ابتزازا وضغوطا، عربدة وسلوك عصابة، هو لم يتحدث عن قرارات دولية، وهذا يؤكد إيمانه بأن إسرائيل تملك السيادة على كل جغرافية فلسطين التاريخية.
علينا أن نفهم الموقف الأميركي الحالي من القضية الفلسطينية، موقفا غير مسبوق بانحيازه، لكنه مليء بالثغرات التي يمكن الولوج من خلالها لوقف اندفاعة واشنطن.
السبيل - الثلاثاء 26/6/2018