ننعى إليكم المشروع النووي الأردني
أمس أعلنت الحكومة أنها قررت تصفية شركة الكهرباء النووية الأردنية المساهمة الخاصة المحدودة اختياريا. قرار الحكومة اتخذ قبل أسبوع، لكنها أعلنت عنه أمس!
وجاء في الأسباب الموجبة للقرار أنه وفي ظل عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بمشروع المحطة النووية الأردنية، ولأن الأعمال والنشاطات التي تقوم بها الشركة حاليا قاربت على الانتهاء، سيتم العمل على تصفية الشركة اختياريا من الهيئة العامة للشركة وفق الأسس القانونية المعمول بها في قانون الشركات رقم 22 لسنة 1997 وتعديلاته.
وتأسست شركة الكهرباء النووية وفق الدكتور خالد طوقان (أبو المشروع النووي المأسوف على شبابه) لتلبية أحد الشروط التي تضمنتها الاتفاقيات مع الجانب الروسي الذي وقع عليه الاختيار لإنشاء المحطة النووية -إنشاء شركة تتولى تنفيذ مشروع المحطة النووية- وبناء عليه تم تأسيس شركة الكهرباء النووية الاردنية وسجلت في وزارة الصناعة والتجارة والتموين برأس مال مصرح به (20) مليون دينار خاضع للزيادة بقرار الهيئة العامة ومجلس الإدارة وهي مملوكة بالكامل للحكومة/ وزارة المالية.
في 4/11/2015 وافق مجلس الوزراء على تشكيل مجلس إدارة (شركة الكهرباء النووية الأردنية المساهمة الخاصة المحدودة) المنوط بها تنفيذ مشروع أول محطة نووية في المملكة بقدرة 2000 ميغاواط والمرتقبة عام 2023. وقرر المجلس أن يرأس مجلس إدارة الشركة رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز. ويضم مجلس الإدارة في عضويته، كلا من: رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية، ومدير عام مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير، والأمناء العامين لوزارات الطاقة والمالية، وسلطة المياه، ومدير عام شركة السمرا لتوليد الكهرباء باعتبارها شركة التوليد الوحيدة التي ما تزال مملوكة للحكومة، وبسبب قربها من موقع المحطة النووية، بالإضافة إلى كل من مجحم حديثة الخريشة ومحمد بركات الزهير ممثلين عن المجتمع المحلي.
في 4/5/2017 قرر مجلس الوزراء تعيين الدكتور صلاح الدين رومي ملكاوي مديرا عاما للشركة.
حتى 5/4/2008 كانت الشركة مستمرة وتعين موظفين، حيث تم إجراء مقابلات لتعيين سكرتيرة تنفيذية وموظف ضبط توثيق ومهندس حاسوب.
مع إعلان تصفية الشركة اختياريا، لا أدري لماذا اختياريا وهي شركة مملوكة للحكومة، يعني أن مشروع المحطة النووية أصبح في خبر كان، فالشركة أسست لتنفيذ مشروع أول محطة نووية في المملكة حسب ما جاء في قرار مجلس الوزراء، وإذا تم تصفية الشركة، فهذا يعني حكما أن مشروع المحطة النووية في حكم المنتهي، إلا إذا تفتق ذهن أحدهم عن إنشاء شركة أخرى تتولى المهمة من جديد.
لا شك أن هذه الحكومة امتلكت الجرأة لتصفية شركة الكهرباء النووية، ولا اعتبار هنا لمسألة الاختيارية، ولكن لمزيد من الشفافية نود أن نعرف كم استهلك تأسيس هذه الشركة من أموال الخزينة حتى تاريخ التصفية؟
إن هذا القرار الجريء يجعل السؤال مشروعا حول المشروع النووي الأردني الذي أطل برأسه علينا قبل ثماني سنوات تقريبا، وفرخ العديد من المؤسسات والهيئات على رأسها هيئة الطاقة الذرية، وكلف المشروع "الفانتازي" عشرات الملايين من الدنانير، والنتيجة الآن تصفية شركة الكهرباء النووية.
لسنا نقول اليوم إن المشروع كان فانتازيا، فبين يدي دراسة علمية موثقة أصدرها حزب جبهة العمل الإسلامي عام 2013 بعنوان "مخالفات وتجاوزات المشروع النووي الأردني"، تتكون من 50 صفحة من القطع الصغير، تناولت التجاوزات الهيكلية والإدارية والقانونية والوظيفية للمشروع، كما تناولت الأخطاء العلمية والفنية والخلل في فهم اقتصاديات المشروع، ومخالفة معايير الأمان النووي.
وخلصت الدراسة إلى أن المشروع بحاجة إلى وقفة جادة من الحكومة حتى لا تستمر قدما في المشروع، وتغمض عينيها عن المخالفات التي واكبته. وقال الحزب في مقدمة دراسته العلمية إنه "إزاء التطورات الخطيرة (هذا الكلام عام 2013) والإصرار على الاستمرار في الخطأ، الاستخفاف بعقول الناس، فإن حزب جبهة العمل الإسلامي يجد من الواجب متابعة الجهود لتصحيح مسار العمل، ووقف التجاوزات القانونية والتغول الإداري واستغلال المنصب، وهدر المال العام، ومحاسبة المسؤول عن ذلك بما يخدم المصلحة العليا للدولة الأردنية والشعب الأردني.
لكنها صرخة ذهبت في واد.
آن الأوان لمجلس النواب أن يقف وقفة جادة لتقييم المشروع النووي.
السبيل - الاثنين 3/9/2018