الصناعة أمام مفترق ..
بعد ماراثون انتخابي وصل الى رأس الهرم الصناعي نخبة من الصناعيين عاشوا تحديات القطاع محليا وإقليميا ودوليا، وهم اليوم يقفون امام مفترق طرق اما الاستمرار بالنهج السابق بطرح الصعوبات جراء سياسات مالية ونقدية تشددية واتفاقيات ثنائية ومتعددة الاطراف ارهقت جميع القطاعات، وربما كان للقطاع الصناعي نصيبا وافرا من هذه الصعوبات وفرضت تحديات لابد من مواجهتها والنهوض بالقطاع والتركيز على التصدير وفق آليات مبتكرة بحيث تأخذ زمام المبادرة بالمساهمة في تطوير المنتج الاردني بشكل مستمر وفتح وارتياد اسواق تصديرية جديدة بعيدا عن النمط التقليدي التفضيلي للصادرات الاردنية في اسواق كانت تعاني، واليوم اصبحت اكثر انفتاحا وتنافسية جراء فتح اسواق هذه الدول امام الاستيراد امام الجميع والبحث عن الجودة واعتدال السعر ومدى قبول المستهلك للمنتجات في تلك الاسواق.
محاولة بعض الصناعيين مواصلة الطلب من الحكومات المساعدة بفتح اسواق تصديرية جديدة امام المنتجات الاردنية لن يقدم كثيرا للصناعيين وستبقى الصناعة تدور في حلقة مغلقة، ففي العقود الماضية احتكرت الصناعات الاردنية في ظل ظروف غير عادية للاسواق العراقية على سبيل المثال، وكان يتقبل العراقيون تلك المنتجات مالها وما عليها نظرا لحرمان الاسواق العراقية من الاستيراد الحر من العالم الخارجي بسبب ظروف الحصار الامريكي البريطاني على العراق.
اليوم نحن امام اسواق جديدة وان كانت سابقا تقليدية للمنتجات الاردنية لاسيما اسواق العراق وسورية، فالعراق منفتح على العالم وهناك جهود كبيرة لاستحواذ على حصة مهمة من الاسواق العراقية، لذلك ان قدرة الصادرات الاردنية على الحصول على حصة جيدة في اسواق العراق يحتاج الى منافسة منتجات عدد من الدول بالاعتماد على الجودة والسعر، وبدون ذلك تبقى جهود الصناعيين الاردنيين بدون قيمة مضافة حقيقية.
هناك صناعات اردنية شبت عن الطوق ولا تنتظر دعما حكوميا للتصدير ومنها على سبيل صناعة الادوية التي تنافس بقوة في الاسواق المتقدمة والناشئة وأدوية الحكمة مثال يحتذى، ومن الصناعات الاخرى التي تجاوزت ضيق السوق المحلية وطورت منتجاتها ودخلت اسواقا كبيرة، خصوصا في عدد من الدول العربية، ومن قطاعات الانتاج الخدمي تقنية المعلومات والبرامج التي تصدر الى دول عربية واجنبية.
هناك فرص جيدة تتطلب عملا دؤوبا للمساهمة في إعادة الاعمار في العراق وسورية وهذا يتطلب قدرة تنافسية بعيدا عن (الشطارة) والعلاقات الشخصية بعد ان اصبحت العلوم والمنتج المنافس هو القادر على دخول اسواق التصدير بقوة وهذا هو التحدي الكبير الذي يواجه الصناعيين في المراحلة الحالية والمقبلة.
الدستور - الثلاثاء 13-11-2018