عقيد أوسلو الذي أصلح " بنشر " الجيب العسكري!.
الصورة التي تم تداولها على نطاق واسع لمدير شرطة الخليل وهو جاث على ركبتيه ويقوم بإصلاح " بنشر " لإطار سيارة جيب عسكري اسرائيلي ، لم تترك من مجال للشك بأن هذا الشخص الذي يرتدي أمام شعبه نظارات شمسية متبخترا ومتكبرا ليس سوى نتاج التعاون الأمني الكريه بين رام الله وبين سلطة الإحتلال ، حتى في أشد حالات التوتر والتناقض في المواقف بين الطرفين بعد مختلف التطورات الأخيرة بشأن القضية الفلسطينية .
كيف هو شعور الفلسطينيين والعرب والمسلمين والأحرار في العالم وهم يرون عقيدا وقائد شرطة مدينة محتلة يجثو على ركبتيه ويقوم بإصلاح إطار سيارة محتلي بلاده ، دون أدنى خجل أو غيرة على نفسه وكرامته وشعبه ووطنه ، وأيضا ، هل أن قرار حازم عطا الله ، مدير الشرطة الفلسطينية بإقالة هذا العقيد الذليل كاف لتنظيف صورة الشرطة الفلسطينية بشكل عام ، طالما أن المذكور احد قادتها ورئيس شرطة محافظة بحجم الخليل !.
يذكرنا مشهد هذا العقيد بمشهد عشرات الأفراد والضباط من الشرطة الفلسطينية الذين ظهروا بـ " ملابسهم الداخلية " أمام الكاميرات بعد أن أمرهم الجيش الاسرائيلي بالقاء بنادقهم وبخلع جميع ملابسهم والخروج من المراكز الأمنية رافعي الأيدي إذا ارادوا النجاة بأنفسهم خلال الانتفاضة الأخيرة التي دمر فيها شارون السلطة وكل مكتسبات أوسلو ، ففضلوا إلقاء البنادق التي على عهدة كل منهم ، والخروج عراة ، ربي كما خلقتني ، رافعي الأيدي على الرؤوس في مشهد مخز لن تنساه الذاكرة أبدا .
لم ينته المشهد الصادم عند هذا العقيد ، بل لقد ظهر أيضا أحد قادة حركة فتح إلى جانبه وهو يقوم بمساعدته في تركيب إطار السيارة ، أي أن سياسيا وعسكريا فتحاويين كانا في الخدمة وتحت الاشارة ، فتم انهاء خدمات العسكري الذليل ، والإبقاء على السياسي الأذل كقائد للحركة في المحافظة .
هل هذه سقطة شخصية ، أم تراها مشهد يتكرر يوميا خلف الكاميرات ؟ .
هل هكذا بات حال الشرطة الفلسطينية التي اكتفى قائدها بفصل العقيد المذكور دون أن يتم تقديمه الى المحاكمة ، ولكن :
أي محاكمة ؟ ..
ألم يكن هذا العقيد الذليل ينفذ أوامر الشرطة الفلسطينية ، وهذه الأخيرة ، ألم تكن تنفذ أوامر السلطة ؟؟.
إنها صورة مصغرة إذا قيست بحجم الخدمات السرية التي تقدم للمحتل بجريمة كانت تدعى ولا تزال : التنسيق الأمني !.
إنها أوسلو ، وما أدراك ما أوسلو وما فعلتهٍ هذه الاوسلو اللعينة بفلسطين وشعبها وقضيتها العادلة !.
د.فطين البداد
جي بي سي نيوز