إجتماع فاشل قـبـل بـدئـه !!
لو عقد هذان الطرفان اليمنيان ألف اجتماع إن في عمان أو في غيرها، وإن بدعوة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ودول عدم الإنحياز، فإنهما لن يتوصلا إلى شيء وإلى أي اتفاق حتى بالنسبة لقضية الأسرى التي من المفترض أنها قضية إنسانية قبل أن تكون قضية سياسية فالقلوب بين الطرفين، "الشرعية" و"الحوثيين" متورمة بالأحقاد وأي تنازل من أيٍّ منهما للآخر فإنه غير ممكن ولم يكن متوقعاً على الإطلاق وهذا هو ما حصل بالفعل رغم تصريحات المندوب الأممي التي تشبه "رشَّ السكر على الموت"!!. فالمشكلة في الحقيقة ليست مشكلة يمنية – يمنية بل هي إقليمية فـ"اختراع" الحوثيين جاء بالأساس في إطار مشروع توسعي إيراني كان الأردن وعلى أعلى مستوى قد حذر منه مبكراًّ وكان تحذيره لم يكن مبنياًّ على مجرد تقديرات وفقط بل على معلومات ربما لم يضعها في حسبانهم طيبوا القلوب من العرب وحيث كان بالإمكان التصدي لهذا المشروع الذي أُعطيَ غطاءً طائفياً مع أنه سياسيٌّ وأن هدفه كان واضحاً وهو سعي إيران لوضع يدها على هذه المنطقة لتصبح "صفوية" جديدة تصل إلى الشواطىء المتوسطية وكما حصل خلال السبعة أعوام الماضية!!.
لقد بقي السنة و"الزيديون" شعباً واحداً وموحداًّ على مدى سنوات طويلة وبقي المذهب الزيدي الأقرب إلى السنة "الشوافع" وذلك مع احترام مشترك للمذهب الجعفري الأثني عشري قبل أن يسعى الإيرانيون لإستغلاله سياسياًّ أولاً في المرحلة الصفوية ولاحقاً في هذه المرحلة الخمينية وهكذا فإن إختراع "الحوثيين" قد جاء في إطار هذا المشروع الذي أرادته طهران قبل "قُمْ" في هيئة هلال سياسي ولكن بثوب مذهبي يبدأ طرفه الأول بالحديدة وباب المندب على البحر الأحمر وينتهي طرفه الثاني باللاذقية بمحادات لواء الأسكندرون مروراً ببعض دول الخليج العربي وبلاد الرافدين وسوريا بالطبع وأصبحت نجمته لاحقاً غزة هاشم بعد سيطرة "حماس" عليها بعد انقلاب عام 2007 الدموي والانفصالي.
لقد ثبت أن المشكلة ليست مشكلة إخوان إختلفوا على بعض الأمور السياسية، إنْ كانت أساسية ورئيسية أو عابرة وثانوية، وإنما مشكلة صراع جديٍّ يرتبط بمشروع تمددي إيراني أحرز على مدى الأعوام السبعة الماضية تقدماًّ كبيراً في أكثر من دولة عربية ولذلك فقد تم إختراع "الحوثيين" الذين تخلوا عن "زيديتهم" وألتحقوا بـ "الولي الفقيه" وبـ "حزب الله" وبالسبعة والستين تنظيماً التي باتت تسيطر على العراق وفي مقدمتها "الحشد الشعبي" الذي يتصرف هناك كدولة داخل الدولة.
إن هذا هو واقع الحال وإنه كان واضحاً حتى للأمم المتحدة، التي دعت إلى هذا الإجتماع الذي لا علاقة له لا بالحكومة الأردنية ولا بالأردن، إنه قد لا يتكرر وإنه ما كان من الممكن أن يحقق إي إنجاز طالما أن الإقتتال بين الطرفين لا يزال مستمراً ولا يزال في ذروته وطالما أن حتى إتفاق "ستوكهولم" قد بقي مجرد حبر على ورق وأن كبار المبعوثين الدوليين الذين يحاولون تطبيقه يتعرضون ويومياًّ لمحاولات "حوثية" متواصلة لإغتيالهم.
الراي - الاحد - 20-1-2019