قرارات حكومية غير مبررة
اتخذت الحكومة قراراً خلال هذا الشهر يقضي بوقف طرح عطاءات أو مشاريع عروض مباشرة أو تلزيم أي مشروع لتوليد الكهرباء من أي مصدر سواء المتجددة أو التقليدية.
ينضم هذا القرار إلى زمرة قرارات مشابهة مثل قرار إلغاء الاعفاء عن السيارات الكهربائية، وهذه القرارت من شأنها إضفاء نوع من التساؤل حول البحث عن السبل والوسائل التي تخفض العبء الكبير على خزينة الدولة وعلى كاهل المواطنين من فاتورة النفط الثقيلة التي كانت العامل الأكبر في تضخم حجم المديونية وحول حقيقة الرؤية الحكومية المتعلقة بهذا المسار الأكثر أهمية من كل المسارات الأخرى.
المشكلة الأخرى الأكثر أنها لا ترد على تساؤلات المواطنين المتعلقة بهذا الشأن العام، أعتقد أن الحكومة معنية بتوضيح الأرضية التي تستند إليها في اتخاذ مثل هذه القرارات غير المفهومة وغير المبررة، لأن المنطق يفرض على حكومتنا الرشيدة أن تتوجه بحسم نحو تشجيع الاستثمار في مشاريع توليد الطاقة من المصادر المتجددة، ويفرض عليها التوسع الكبير في هذا المسار.
وعند الاستماع إلى ما يقوله أصحاب التخصص والخبرة العلمية والعملية في هذا الجانب كما جاء في تقرير الزميلة (رهام زيدان) في صحيفة الغد نقلاً عن مالك الكباريتي وزير الطاقة الأسبق: أن قراراً من هذا النوع يدمّر إنجازات قطاع الطاقة المتجددة من على مدار سنتين، وهذا القرار برأيه يعكس غياب الاستراتيجيات الواضحة لهذا القطاع، خصوصاً فيما يتعلق بشركة الكهرباء الوطنية التي وقعت اتفاقية شراء الغاز «الاسرائيلي» من شركة «نوبل»، بدون تخطيط فعلي لمدى الحاجة لمثل هذه العقود المجحفة، وهذا ما أكده رئيس مجلس إدارة جمعية «إدامة» للطاقة والبيئة والمياه الدكتور دريد المحاسنة بقوله أن القرار كان مفاجئاً ويضر بالطاقة المتجددة لحساب مشاريع أخرى أكثر كلفة وأكثر ضرراً بالبيئة.
من الواضح أن مثل هذه القرارات تضر بالمصلحة الوطنية والمصلحة العامة، وتخالف كل المقولات التي تم إطلاقها سابقاً حول مشروع النهضة ومشروع الانتقال بالدولة من الريع إلى الانتاج.
العالم كله يتجه نحو البحث عن تخفيض كلفة الطاقة، وكذلك عن كل ما من شأنه عدم إلحاق الضرر بالبيئة عن طريق إيجاد المصادر النظيفة، وهذا يفسر التوجه الحاسم لدى كثير من الدول الصناعية وضع حد لاستخدام الوقود الاحفوري والاقتصار على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والذهاب إلى استعمال السيارات الكهربائية حصراً بعد عام (2023) والتخلص من السيارات التقليدية بالإضافة إلى التخلص من مشاريع الطاقة النووية وضرورة استبدالها، ونحن في مقابل ذلك نسير عكس الزمن وعكس العالم، قضية محيّرة فعلاً.
الدستور - 30-1-2019