لا نمو بدون تنمية
يسعى جلالة الملك دوما لتحسين وتعزيز وضع الأردن داخلياً وخارجياً بالرغم من اضطرابات المنطقة المعطِلة للنمو الاقتصادي.. ومع انفراج الأزمة وفتح الحدود نأمل أن نبدأ بالسير على طريق التنمية.. فلا نمو بدون تنمية! ولهذا وضع جلالته النقاط على الحروف في «مبادرة لندن» داعياً المستثمرين بالخارج للاستفادة من الفرص التنافسية في الأردن، مخاطباً أيضاً المواطنين أنفسهم بضرورة المشاركة بالتنمية على الصعد كافة للإبقاء على قوة وازدهار الأردن.. فالاستثمار أنواع: وطني وأجنبي واستراتيجي واجتماعي، وكلها تحتاج إلى ثقافة جاذبة يتعاون فيها القطاع الخاص برأسماله وخبراته، مع القطاع العام بتسهيلاته الممكنة بعيداً عن تعقيدات البيروقراطية والروتين.. وقد أكّد الملك عبد االله الثاني في أوراقه النقاشية ولقاءاته على أهمية تحريك عجلة التنمية والاستثمار لـ «يلمس» المواطن بوادر أمل تحفّزه على المشاركة والعطاء عبر بناء اقتصاد يقوم على الاستثمار والعدالة الاجتماعية من خلال توظيف رؤوس الأموال لتنشيط مشاريع اقتصادية ترجع بالمنفعة المادية على أصحابها سواء بالقطاع العام أو الخاص، لينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني محققاً رفاهاً جمْعياً يتناسب تناسباً طردياً مع نسبة الالتزام الفعلي للمواطنين والمسؤولين، علماً أن المسؤول هو مواطن أولاً قبل أن يكون مسؤولاً، والمواطن بدوره مسؤول قبل أن يصبح مسؤولاً بموقعه فكلاهما شريكان بمسؤولية واحدة يتوازنان بكفّتيْ ميزان واحد يحفّز النمو
موفراً فرص العمل محسناً من حياة المواطنين.. مذكَرين بدورنا: «لا نمو بدون تنمية"! لن ندخل هنا بمسارات اقتصادية تاركين الخبز لخبّازه ليضع النقاط على الحروف تنظيراً وتطبيقاً.. وإنما سنتناول هنا جانبا آخر في غاية الأهمية قد يسقط سهواً من ملفات الاقتصاد والتنمية.. ألا وهو أن «التنمية الشاملة بمثابة طيْر بجناحين أولهما جناح التنمية «الإقتصادية» والآخر التنمية «الاجتماعية الثقافية» «فهل يعقل أن تحلّق التنمية ولها جناح مهيض – «الجناح الاجتماعي الثقافي"؟ فالمجتمع لا ينهض بدون «احترام الآخر» وبدون «اتقان العمل» و"الالتزام بمعايير القوانين» كقوانين العمل والاستثمار مهملاً تطبيق العلْم على القول والفعل والسلوك الخ.. فمخالفة المعايير والقوانين يخلق تنافسات سلبية مغلّفة بثقافة هدّامة تشغلنا عن أي «إنجاز متقَن» من شأنه أن يضيف «للتنمية الاقتصادية» بل على العكس تنقّص من هذه التنمية. ولهذا فأسباب التخلّف والتراجع في المجتمعات على المستويات كافة بما فيها الاقتصادية، تعود لغياب خاصية الانضباط سلوكاً وعملاً لتنتشر الصفات المناقضة كالفوضى والتسيّب وفقدان النظام واللامبالاة واختفاء الإحساس الجمْعي فكلها برمتها تعرقل التنمية وهنا مربط الفرس.
الراي - الاثنين 4-3-2019