«رصاص المناسبات».. خرق للقانون وقتل للاخرين
باتت مشكلة إطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية تؤرق المجتمع المحلي والمسؤولين على حدٍ سواء، خاصة بعد تبنيها من قبل البعض كواحدةٍ من أهم السلوكيات والعادات الاجتماعية في المجتمع الأردني التي لا تكتمل مناسبة الفرح إلا بوجودها.وهي من الظواهر المنكرة والعادات القبيحة التي فشت في أعراسنا باستخدام الأسلحة النارية وإطلاق الرصاص الحي، يزعم أصحابها أنهم بزواجهم يفرحون، وبأعراسهم يعلنون، غير مبالين بالضرر الذي يلحق بالآخرين، وأقله إرعابُ الآمنين في بيوتهم وتخويفهم، وأي رابط هذا بين الفرح والسرور وإطلاق الرصاص الذي قد يأتي بالضرر والشرور.
وتتفشى الظاهرة وبصورةٍ مخيفة خاصة في الأفراح والمناسبات التي تشهدها على امتداد القرى والمدن في المملكة من الجنوب الى الشمال والوسط ,وخلال مناسبات الأفراح وظهور نتائج التوجيهي الثانوية العامة أو التخرج من الجامعة أو أفراح الزواج والأعياد ، حيث خلَّفت كوارث مأساوية كثيرة في الأسر والعائلات ، راح ضحيتها عدد غير قليل من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم جاؤوا لتهنئة أصحاب الفرح ومشاركتهم فرحتهم وتقديم واجب اجتماعي نحوهم .
وتحول إطلاق العيارات النارية في المناسبات العامة إلى ظاهرة قتل، أودت بحياة الكثير من الأشخاص، وأدت إلى وقوع ضحايا أبرياء غالباً ما تحول فيها الفرح إلى مأتم.
وفيما يبدو لم تفلح الحملات لتوعية المواطنين بخطورة هذه الظاهرة من خلال وسائل الإعلام، على الرغم من أن ذلك يتم بالتنسيق مع الحكام الإداريين وشيوخ العشائر والوجهاء ورؤساء البلديات والجمعيات؛ من أجل توعية المواطنين بخطورة هذه الظاهرة، بالإضافة إلى التنسيق مع مديريات الأوقاف بتوجيه المواطنين من خلال أئمة المساجد، وعلى الرغم من ذلك فإن الظاهرة بازدياد مطرد. والسؤال: هل هناك جدية في مكافحة الظاهرة ، كما ان السؤال الذي يثار هل هناك احد فوق القانون.؟!
الرؤية الملكية كانت سباقة في صيف العام 2010م وخلال اجتماع مع رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير العدل ومديري الاجهزة الامنية ، وجه جلالة الملك عبدالله الثاني الحكومة وشدد على ضرورة وقف ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات الاجتماعية ، وشدد جلالة الملك على أهمية تطبيق الإجراءات القانونية بحق المخالفين ممن يعرضون حياة الأردنيين للخطر، وكذلك تكثيف الحملات التوعوية التي تكشف خطورة ظاهرة إطلاق العيارات النارية، وتحفيز المواطنين على الابتعاد عن الممارسات الخاطئة التي تهدد أمن المجتمع، مؤكدا جلالته أن سيادة القانون يجب أن تفرض على الجميع بعدالة ودون أي تهاون.
ايضا تبقى قضية حمل السلاح واطلاق العيارات النارية ظاهرة تؤرق الدولة واجهزتها الامنية ولا يجوز أن تبقى الأمور تدار بشكل منفلت.وقد رصدت الأجهزة الأمنية خلال الفترة الماضية ، أن بعض ذوي المناسبات الاجتماعية يقومون باستئجار السلاح بأنواعه المختلفة لإطلاق العيارات النارية» في مناسباتهم.
ولأجل وقف هذه الظاهرة، أو العمل على الحد من انتشارها، أطلقت وزارات ومديرية الامن العام وغيرها من المؤسسات العامة والتطوعية حملات لمكافحة هذه الظواهر السلبية «.
كما ان ظاهرة العيارات النارية تعد مشكلة اجتماعية لها ظلالها الأمنية الخطيرة، ولذلك فان مكافحتها أمنيا بحملات على الاسلحة المرخصة وغير المرخصة، بقدر ما هو ضرورة، وكذلك تغليظ العقوبات الرادعة وأهميتها، وتقنين تداول الأسلحة بين المواطنين، ومن بينها عدم منح ترخيص أكثر من قطعة سلاح واحدة للمواطن، بالإضافة الى وقف منح رخصة حمل السلاح .
لكن يبقى دور المجتمع نفسه في المواجهة والمكافحة باعتباره الممارس لهذه العادات الاجتماعية السخيفة وهو ايضا الذي يعاني من مخاطرها. وهنا لا بد من مبادرة اجتماعية بمقاطعة صاحب العرس او الفرح الذي يطلق فيه العيارات النارية .
وبحسب التعديلات التي طرأت العام الماضي على قانون العقوبات فإن مطلق العيارات النارية دون داعٍ سيواجه عقوبة الحبس أو الغرامة.
وفرض القانون عقوبة الحبس مدة ثلاثة أشهر أو بغرامة مقدارها ألف دينار أو بكلتي هاتين العقوبتين، على كل من أطلق عياراً نارياً دون داع أو سهماً نارياً أو استعمل مادة مفرقعة دون موافقة مسبقة.
وبحسب التعديلات يصادر ما تم استخدامه من سلاح، ولو كان مرخصاً وأي سهم ناري ومادة مفرقعة، وغلظ التعديلات من عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن سنة إذا نجم عن الفعل إيذاء إنسان.
وتصل العقوبة الاشغال المؤقتة مدة لا تقل عن عشر سنوات إذا نجم عن الفعل وفاة إنسان، وتضاعف العقوبات في حال التكرار أو تعدد المجني عليهم.كما تصل العقوبة إلى الأشغال المؤقتة إذا نجم عن الفعل أي عاهة دائمة أو إجهاض امرأة حامل.
الدستور - 10-3-2019