مؤتمر لندن والمظلة الدولية للأردن
لقاء موسع دعا اليه رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي د.مصطفى حمارنة حضره وزراء ..الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التخطيط والتعاون الدولي، الاستثمار، والصناعة والتجارة، وامين وزارة المالية، ومجموعة من الاقتصاديين والمستثمرين والمسؤولين والاعلاميين، الوزراء تحدثوا خلال اللقاء وللحظة شعرنا اننا نتحدث عن دولة اخرى، فالامور بالف خير واقتربنا من التعافي وان إدارة الدين حصيفة والمؤشرات المالية جيدة والمديونية إلى تراجع، اما الاستثمارات اصبحت على الابواب والمطلوب بذل المزيد من الجهود والصبر، اما في الجولة الثانية من الحوار مع المسؤولين والمشاركين في اللقاء فقد تنبه الوزراء وتأكدوا اننا نعاني الامرين وان الحاجة باتت ماسة لإجراءات جراحية في ظل ارتفاع البطالة والفقر وتدني قدرة الاقتصاد على استقطاب استثمارات جديدة جراء ارتفاع الضرائب والرسوم والمبالغة في تكاليف الانتاج والاستهلاك والزيادة الكبيرة على تكاليف الاموال، وان الاعتصامات هنا وهناك والتذمر العام بلغ مستوى يفترض التعامل معه بصدق والتوجه للبحث في الاسباب الكامنة وراء ذلك وتقديم حلول عملية، فالمرحلة لم يعد يجدي معها تجاهل ما نراه في البلاد.
مؤتمر لندن للاستثمار قدم مظلة سياسية دولية للاردن وحث المستثمرين لدعم الاردن والاستثمار في قوائم من المشاريع، وقدمت بريطانيا وفرنسا واليابان قليلا من المنح واكثر من ملياري دولار من القروض للسنوات الخمس المقبلة، وهذا الدعم لا يمكن ان ينتشل الاردن من معاناته والحل يفترض ان يأتي من قرارات محلية بالدرجة الاولى، مؤتمرا لندن الاول والثاني وقبلها عدد غير قليل من المؤتمرات العربية والاقليمة والدولية من الكويت الى مكة وقبلهما سلسلة من المنتدى الاقتصادي العالمي / دافوس البحر الميت قدم المشاركون فيها الكثير من الوعود والخطط ورسموا عناوين عريضة الا انها لم تساهم في تعافي الاقتصاد الاردني كما يجب، واستمرت المؤشرات الرئيسية المالية والاقتصادية وانعكاساتها الاجتماعية على تراجع.
وهنا من حق المراقب الراصد والمحايد ان يطرح سؤالا ..ما الذي يجري وماهي الاسباب الحقيقية وراء هذا التراجع الاقتصادي والمالي المريع..؟، امريكا وعدد من الدول الاوروبية تعاملت بإيجابية مع الازمة المالية العالمية واستطاعت العودة الى النمو بتنشيط الاقتصاد وتعافت الاسواق المالية وسجل الاقتصاد الامريكي ادني معدل بطالة منذ عشرين عاما وبلغت اقل من 4 %، اذا هناك عقم حقيقي في السياسات الاقتصادية والتنموية، فالاكتفاء بالسياسات المالية المتشددة لن تقود الا لمزيد من التأزم، وهذا ما يحصل في الاقتصاد الاردني منذ سنوات.
وبالعودة الى مؤتمر لندن يمكن القول انه قدم مظلة سياسية حقيقية للاردن وان المطلوب من الحكومة النظر الى الملفات التنموية والاهتمام بالاقتصاد الحقيقي ووضع مقولة دولة الانتاج موضع التطبيق وتوفير مستلزماتها وبدون ذلك سنستمر بالتراجع وقد نصل الى مرحلة لا يمكن الاصلاح معها.. وهذا ما نخشاه ونحذر منه.
الدستور - الثلاثاء 12-3-2019