ترمب صهيوني 98 في المئة!!
لا ضرورة لأن يطلق الرئيس ترمب ضحكة «هيستيرية» وأن يتفاخر أكثر من اللزوم وهو يتحدث لعدد من المتبرعين اليهود الأميركيين لحزبه، الحزب الجمهوري، عن نقل سفارة أميركا من تل أبيب إلى القدس المحتلة وعن أنه لو رشح نفسه لمنصب رئيس وزراء لإسرائيل فإنه سيحقق فوزاً ساحقاً بنسبة 98 في المئة.. فهذه مسألة معروفة والمعروف أكثر منها أنه منذ مجيء هذا الرجل إلى البيت الأبيض وهو يتصرف ليس كإسرائيلي وفقط بل كصهيوني أكثر تطرفاً من إيرييل شارون ومن مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هيرتزل. ولعل ما يؤكد أن ترمب هذا أكثر صهيونية من كل صهيونيي الكرة الأرضية أنه أعرب عن عدم فهمه لمنح أي يهودي لصوته لأي «ديموقراطي» أميركي فهو يعتبر اليهود وبخاصة الصهاينة منهم إحتكاراً له ولحزبه الجمهوري ويعتبر أن «الديموقراطيين» الأميركيين يكرهون الشعب اليهودي وكان هذا الرئيس الأميركي قد قال هذا الكلام غير المستغرب إطلاقاً خلال تعليقه على الجدل الدائر حول تصريحات كانت أدلت بها النائبة المسلمة إلهان عمر. إنه لا يهمنا ولا يعنينا أن يقول ترمب مثل هذا الكلام الإستفزازي لو أنه ليس رئيسا للولايات المتحدة الأميركية التي لها مصالح كثيرة وجيوش جرارة في هذه المنطقة العربية فالمعروف ومنذ عام 1948 وحتى الآن وحتى قبل ذلك أن الحركة الصهيونية بالأساس كانت حركة أميركية وحركة غربية أوروبية وأن إقامة هذه الدولة الإسرائيلية
في فلسطين كان ولا يزال مشروعاً إستعمارياً غربياًّ وأنه كان هناك وعلى مدى سنوات النصف الثاني من القرن الماضي وقبل ذلك سعي غربي دؤوب لإقامة هذه الدولة كقاعدة إستعمارية متقدمة في الشرق الأوسط للأميركيين والغرب كله. ولهذا فإنه ليس مستغرباً أن تصل «وقاحة» ترمب السياسية إلى هذا المستوى وأن يقول أنه سيحقق فوزاً ساحقاً بنسبة 98 في المئة لو أنه رشح نفسه لمنصب رئيس وزراء إسرائيل لكن ما لا يعرفه الرئيس الأميركي هو أن الصهاينة ربما يقفون إلى جانبه ومعه كرئيس للولايات المتحدة الأميركية لكنهم وبالتأكيد لن يعطوه حتى ولا صوتاً واحداً إنْ هو ترشح لإنتخابات إسرائيلية فالحركة الصهيونية حركة قومية عنصرية وهي لا يمكن أنْ أن تتخلى عن عنصريتها حتى وإنْ تخلىَّ الرئيس الأميركي عن موقعه وعن البيت الأبيض وأصبح مجرد ضابط صغير في الموساد الإسرائيلي. إن هذه المسألة مؤكدة ومعروفة إن سابقاً وإن لاحقاً وإن حتى الآن فمعظم الذين مروا على البيت الأبيض وخاصة الجمهوريين منهم كان إحساسهم بـ «صهيونيتهم» يتغلب على إحساسهم بأميركيتهم وكان يشعر كل واحد منهم أن وجوده كرئيس للولايات المتحدة هو لخدمة إسرائيل والمشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة العربية أكثر مما هو خدمة لأميركا والأميركيين.. إنَّ هذا معروف ومؤكد وإنَّ ترمب ليس بحاجة إلى كل هذه التصرفات الإستعراضية العبثية المضحكة لإثبات حقيقة واضحة ومعروفة.. اللهم إلاّ لمن لا يريد ألاّ يعرف!!.
الراي الجمعة 15-3-2019