اليوم العالمي للتحقق من الأخبار الكاذبة
ادراكا لحجم حالة الفوضى التي تسببت فیھا الأخبار الكاذبة في طول العالم وعرضھ أطلق ناشطون عالمیون و(الشبكة العالمیة للتحقق من المعلومات والاخبار) یوما عالمیا للتحقق من الأخبار الكاذبة في الثاني من نیسان من كل العام واختاروا ھذا الیوم لیكن الیوم التالي لما یشبھ التقلید العالمي المعروف في الاحتفاء بالكذب البريء في الأول من نیسان. لقد قطعت ممارسة التحقق من الأخبار شوطا كبیرا خلال السنوات الخمس الماضیة ، في مواجھة الافراط في الاستخدام الضار للتكنولوجیا الرقمیة والتوظیف السیاسي والدیني لھذه الأدوات لمصالح فئویة ، جنبا إلى جنب المحاولات الحثیثة لإضعاف الصحافة المھنیة الأمر الذي وصل إلى حد الصراع بین الصحافة المھنیة وبعض النخب السیاسیة في العالم. الیوم، أصبح ھناك شبكات عالمیة متخصصة وھناك قائمة عالمیة للمراصد الوطنیة المستقلة التي تمارس عملھا في التحقق وحمایة الحقیقة على أسس علمیة ومھنیة ومعاییر واضحة، ھذه القائمة ینظمھا مختبر التحقق التابع لجامعة دیوك الأمیركیة تحت مسمى (Checking- Fact Lab’ Reporters Duke ، ( – حیث یوجد 161 مرصدا أو مشروعا للتحقق من الأخبار ونشر ثقافة المصداقیة في العالم تنتشر في 55 دولة ، وتعتمد ھذه القائمة المراصد التي تتمتع بالاستقلالیة وتستند في عملھا على معاییر علمیة معلنة، ومن المؤمل أن تتضاعف ھذه الأرقام بسرعة، ومن حسن الحظ أن المرصد الوحید المعترف بھ عالمیا كمرصد مستقل ویمارس نشاط التحقق باللغة العربیة وفق معاییر التحقق العلمیة ھو مرصد مصداقیة الإعلام الأردني ( أكید) الذي یدیره معھد الإعلام الأردني منذ خمس سنوات بدعم من صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمیة، وھذا اعتراف عالمي بھذا الإنجاز. (مختبر التحقق- مراسلون) الذي بات یرعى ھذه القائمة العالمیة ھو مركز لأبحاث الصحافة في كلیة سانفورد للسیاسة العامة بجامعة دیوك. تركز مشاریعھ الأساسیة على التحقق من الوقائع، ویقوم أیضا بإجراء أبحاث من حین لآخر حول الثقة في وسائل الإعلام. ما میز مرصد “ أكید“
وجعلھ یدخل ھذه القائمة ویحقق الریادة على المستوى الاقلیمي انھ طور لأول مرة باللغة العربیة معاییر متقدمة في التحقق من الأخبار واطرا مرجعیة واضحة في الأسس الاخلاقیة والمھنیة ، وراكم عملا مستقلا بعیدا عن التأثیر الرسمي أو تأثیر أصحاب المصالح ، وقاوم محاولات المصادرة أو التھمیش وبقي ملتزما بھذه المعاییر والسیاسة التحریریة المعلنة ضمن فریق عمل مؤھل علمیا ومھنیا. في الجانب المجتمعي وفي العمل مع القواعد المجتمعیة یمضي الأردن قدما في تنفیذ مبادرة التربیة الإعلامیة والمعلوماتیة والتي تُعنى بترشید استخدام المجتمع لوسائل الإعلام ومصادر المعلومات وتحدیدا الاستخدام الضار لوسائل الإعلام الاجتماعي، بعد أن أعلنت الحكومة تبنیھا لاطار وطني استراتیجي لنشر التربیة الإعلامیة والمعلوماتیة، وقد كان لمعھد الإعلام الأردني الریادة في ھذا المجال بعد أن نفذ سلسلة من المشاریع الوطنیة استھدفت مختلف فئات المجتمع بالتعاون مع جھات وطنیة وأممیة ودولیة واستھدفت الشباب والنظام التعلیمي وتطویر سلسلة من المناھج والادلة التدریبیة والابحاث العلمیة، وبذلك تؤسس ھذه التطورات إلى خلق بیئة ایجابیة وجعل الأردن مركزا إقلیمیا متقدما في ھذه الممارسات. مع استمرار التوظیف السیاسي للادوات الرقمیة في الصراعات الدولیة وفي محاولات اضفاء الشرعیة على النظم السیاسیة الشمولیة والنخب في بیئات الصراع الرخوة وحتى في بعض المجتمعات الدیمقراطیة، تزداد حمى شركات التكنولوجیا الجدیدة في العالم ، ومع كل ھذا تزداد في الجھة المقابلة حركة مقاومة عالمیة ذات زخم كبیر تسعى لاستعادة المصداقیة والدفاع عن الصحافة المحترفة والدفاع عن قیمھا حیث باتت ھذه الحركة العالمیة تنظم سنویا قمة عالمیة تحت مسمى ( قمة حمایة الحقائق ) عقدت في كیب تاون وفي روما مؤخرا . ھذا الصراع سوف یحدد مستقبل الحقیقة في العالم ؛ لقد شھد التاریخ الإنساني ھذه الحالة أكثر من مرة ولن یحسم ھذا الصراع لصالح صناع الأكاذیب.
الغد - الجمعة 5-4-2019