المظاهر الاجتماعية الزائفة
هناك في مجتمعنا بعض المظاهر الاجتماعية والعادات البالية التي مع الأسف استفحلت وأصبحت تفرض نفسها على المواطنين حتى أصبحت بعض الأسر لا تدري كيف تتخلص منها لأنها تشكل عبئا ماديا كبيرا عليها خصوصا في هذا الظرف الاقتصادي الصعب ومع عدم قناعة نسبة كبيرة من المواطنين بهذه المظاهر والعادات إلا أن القسر الاجتماعي يجعل هؤلاء الناس أسرى لهذه العادات رغما عنهم ويضطرون إلى الرضوخ لها مع عدم قناعتهم بها .
من هذه المظاهر الاجتماعية حفلات الاستقبال التي تقام في فنادق الخمس نجوم بمناسبة الأعراس فهذه الحفلات تكلف أصحابها آلاف الدنانير وتشكل عبئا ماليا كبيرا على معظم الأسر وهنالك بعض الأسر التي تستدين من البنوك مبالغ كبيرة من أجل إقامة هذه الحفلات وعندما تسأل العريس أو والده لماذا ينوون إقامة حفل إستقبال يكلفهم حوالي العشرة آلاف دينار وهم غير قادرين على ذلك فيكون الجواب بأن العروس أو أهلها يريدون ذلك وحجتهم بأن ابنتهم ليست أقل من باقي البنات اللواتي تزوجن وأقيمت لهن حفلات استقبال .
لقد روى أحد الأصدقاء بأن له قريبا تزوج منذ خمس سنوات وهو ما زال حتى الآن يدفع أقساطا شهرية لأحد البنوك الذي حصل منه على قرض من أجل إقامة حفل إستقبال عندما تزوج وعندما سألنا هذا الصديق لماذا يقيم قريبه حفل إستقبال وهو غير قادر على ذلك أجاب بأن والد العروس هو الذي أصر على ذلك .
أحد الشباب الذي كان ينوي الزواج وراتبه لا يتجاوز الثلاثمائة دينار في الشهر أصر والده على إقامة حفل استقبال له في أحد أفخم فنادق العاصمة فرجا هذا الشاب والده بأن لا يقيم هذا الحفل المكلف جدا لأنه غير مقتنع بذلك أبدا وأن هذا يعتبر تبذيرا غير مبرر إلا أن الأب كان مصرا على إقامة هذا الحفل وحجته بأنه يجب أن يدعو كل الناس الذين دعوه إلى حفلات أبنائهم فقال له الشاب أعطني نصف تكاليف الحفلة حتى أستطيع شراء سيارة أذهب بها إلى عملي أنا وزوجتي لكن الأب رفض ذلك وظل مصرا على رأيه .
في بعض المدن الأردنية تقيم بعض الأسر صيوانات كبيرة قبل زفاف أبنها باسبوع على الأقل وتستقبل كل ليلة عددا كبيرا من الأقارب والأصدقاء وتحضر فرقة غنائية وفي آخر الليل تقدم المناسف باللحم البلدي للساهرين وهذه العملية تتكرر كل ليلة حتى يحين موعد الزفاف .
وقد روى أحد المواطنين أن مواطنا أقام صيوانا من أجل زفاف ابنه واستأجر عشرين كيس سكر ومثلها رز من أحد التجار ووضعها فوق بعضها البعض أمام الصيوان ليتفاخر أمام أقاربه بأن هذا العدد من أكياس الرز والسكر جاءته كنقوط بمناسبة زواج إبنه .
هذه العادات البالية والمظاهر الاجتماعية الزائفة يجب أن تنتهي ويجب أن يتدخل العقلاء أصحاب العقول النيرة والمبادرات الإيجابية من أجل القضاء عليها وتخليص الناس من هذه الأعباء المالية الكبيرة.
الدستور - الأربعاء 24 نيسان / أبريل 2019.