الحرب التجارية تثقل الاقتصاد الأمريكي
للشهر الثالث على التوالي انخفضت مؤشرات الصناعة في الولايات المتحدة الاميركية في علامة على تراجع الاقتصاد مع تصاعد الحرب التجارية مع الصين، وفي نفس الاتجاه منيت المؤشرات الرئيسية في بورصة وول ستريت بخسارة ثقيلة وسط ترقب المتعاملين، وهذه التطورات تؤكد النتائج السلبية للسياسات المالية للإدارة الامريكية التي تنحى لفرض رسوم جمركية على المستوردات من الصين اكبر شريك تجاري لامريكا، فالمباحثات الامريكية الصينية لم تسفر عن توافق بين البلدين وقامت بكين باتخاذ إجراءات عقابية على المنتجات الامريكية بفرض رسوم جمركية بعشرات المليارات من الدولارات.
الحرب التجارية التي تشعلها واشنطن في مناطق مختلفة مع الصين واوروبا خصوصا المانيا وامريكا الجنوبية وروسيا وكندا بمستويات مختلفة بدأت تنعكس على الاقتصاد الامريكي من جهة وعلى نمو الاقتصاد العالمي من جهة، وزاد الامور تعقيدا التوتر العسكري والامني في منطقة الخليج العربي والحشد العسكري الامريكي والتحدي المضاد من ايران في ضوء قرارات امريكا بتصفير النفط الايراني، مما دفع اسعار النفط الى الارتفاع حول مستويات 70 دولارا للبرميل.
هذه التطورات تأتي في ظل ضعف الانتعاش الاقتصاد العالمي وسط توقعات غير متفائلة حول نمو الاقتصاد العالمي حتى نهاية العام الحالي، وفي رد فعل للرئيس الامريكي حول الحرب التجارية مع الصين لم تجد طريقها للاستثمارات حول العالم عندما وصف الخلاف مع بكين بأنه غير حقيقي وقابل للتوافق بشأنه الا ان بكين مضت في خططها للرد على القرارات الحمائية ( الجمركية ) للإدارة الامريكية.
بيوت الخبرة والدراسات الاقتصادية في الولايات المتحدة الامريكية تتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد الامريكي ومنطقة اليورو جراء الخلافات التجارية التي تتجاوز على اتفاقيات منظمة التجارة العالمية التي تسعى الى تحرير التجارة بما يسمح للاقتصاد العالمي بالتحسن بعد الازمات المالية والديون السيادية التي اضرت بمنطقة اليورو، حيث لم تحرز نموا مقبولا خلال السنوات القليلة الفائتة.
الاقتصاد الامريكي الذي حقق معدلات نمو مريحة خلال السنوات الثلاث الماضية بدأت بالتباطؤ في ظل السياسة المالية التوسعية لاسيما في النفقات العسكرية ورفع هياكل اسعار الفائدة على الادوادات الرئيسية للدولار اربع مرات خلال العام الماضي مما ادى الى زيادة التكاليف على الصناعات الامريكية وقلص قدرتها التنافسية في الاسواق المحلية واسواق التصدير بسبب العقوبات المضادة في الاسواق الرئيسية خصوصا في منطقة اليورو والصين ثاني اكبر اقتصاد في العالم.
مضت الادارة الامريكية في حربها التجارية ستؤدي حتما الى تباطؤ الاقتصاد الامريكي في وقت تؤكد الصين والمانيا ان لديهما خيارات عديدة للإفلات من تداعيات السياسات التجارية والجمركية الامريكية، وهنا فإن سياسات الادارة الامريكية قد ترفد الخزينة بمئات المليارات من الدولارات على المدى القصير الا انها ستجد نفسها في خانة ضيقة صناعيا وتجاريا وهذا بدأ يتضح منذ بداية العام 2019.
الدستور -