مشاريع سياحية تقلب البنى التحتية
المشاريع سواء كانت سياحية أو غير سياحية تقوم بها الدول من أجل التطوير والتحديث وخلق فرص عمل جديدة وهذه قاعدة ليس لها استثناء إلا في بلدنا مع الأسف الشديد فبعض المشاريع السياحية نفذت بمساعدات خارجية لتدمر مدننا وتقلب هيكليتها رأسا على عقب وتجعل سكان هذه المدن يهربون منها لأنهم غير قادرين على العيش فيها بعد تنفيذ هذه المشاريع في ظل أزمات سير خانقة على مدار الساعة وفوضى عارمة في وقوف السيارات وقتل للحياة الاقتصادية .
لم أكن أصدق الشكاوى التي كانت ترد إلى هذه الزاوية من بعض سكان مدينة الكرك عند البدء بتنفيذ المشروع السياحي الثالث وبعد الانتهاء منه وكنت أعتقد أن هناك نوعا من المبالغة في هذه الشكاوى إلى أن أتيحت لي الفرصة لزيارة هذه المدينة فرأيت بنفسي ما لم أكن أصدقه بل وتأكدت أن الشكاوى التي كانت ترد لا تعبر إلا عن جزء يسير من الحقيقة فقد قلبت البنية التحتية لهذه المدينة قلبا تاما وتغير وجهها الذي نعرفه منذ سنوات عديدة ليس إلى الأحسن بل إلى الأسوأ وأصبح الدخول إليها يعتبر معاناة ما بعدها معاناة وصدقوني أن عبور الشارع الممتد بين المستشفى الإيطالي ومدرسة الكرك الثانوية يحتاج إلى نصف ساعة على الأقل علما بأن طول هذا الشارع لا يتجاوز الخمسمائة متر وكنا نجتازه خلال ثلاث دقائق .
مدينة الكرك مدينة تاريخية عريقة وشوارعها في الأصل ضيقة لكنها كانت تستوعب حركة المرور وحركة المواطنين لكنها الآن لا تستوعب هاتين الحركتين معا فالشوارع أصبحت سعتها ثلاثة أمتار بالضبط ولا تتسع سوى لسيارة واحدة وبعض الأرصفة أصبح عرضها من ثلاثة إلى ستة أمتار والمضحك المبكي في هذه المسألة أن الأرصفة حتى العالية منها أصبحت مواقف للسيارات وبشكل مكتظ جدا فأصبح المواطنون لا يستطيعون السير لا على الأرصفة ولا على الشارع بسبب ازدحام السيارات وقد حاولت الوقوف لدقيقتين لشراء زجاجة ماء ولم أستطع لأنني سأعطل حركة السير الكثيفة جدا وقد زادت هذه الحالة الأعباء الاقتصادية على التجار الذين يجلسون في محلاتهم التجارية ينظرون إلى الشارع أمامهم ويتحسرون لأنه لا يوجد زبائن وزادت الأعباء اأيضا على المواطنين الذين يسكنون خارج المدينة لأنهم لا يستطيعون الدخول إليها بسياراتهم بسبب غياب المواقف فيوا إلى تئجار أحد الباصات الصغيرة الخاصة التي تعمل كتكسيات عمومي وأجرة هذا الباص ثلاثة دنانير من منطقة المنشية حتى مدينة الكرك وثلاثة دنانير للعودة علما بأن المسافة أقل من كيلو مترين .
والسؤال الذي يسأله أهالي المدينة هو : من الذي خطط هذا المشروع وما هي الأسس التي اعتمد عليها في ذلك ؟ ، وهل زار المدينة قبل إعداد الخرائط الهندسية اللازمة لتنفيذ المشروع ؟ وما دور بلدية الكرك في ذلك هل استشيرت قبل إعداد الخرائط الهندسية أو أنها خارج الموضوع كما علمنا من بعض المصادر ؟ .
مأساة مدينة الكرك من الصعب حلها بسهولة بعد تنفيذ المشروع السياحي وما ينطبق على مدينة الكرك ينطبق على مدينتي مأدبا وجرش لكن بضرر أقل ونتمنى أن نسمع رأي وزارة السياحة في هذه المسألة .
الدستور -