لماذا يغضب بعض النواب؟
النواب هم ممثلو شعبهم في مجلس الأمة، وقد انتخبوا من قبل المواطنين؛ لأنهم يعتقدون بأنهم مميزون بثقافتهم وسيرتهم وحسن تصرفهم، وهم بالفعل كذلك، لذلك عندما يخاطبون تكون هذه المخاطبة مرتبطة دائما بكلمة محترمين، لأنهم بالفعل محترمون لكن مع الأسف الشديد بعض هؤلاء النواب وهم قلة قليلة وبمجرد وصولهم إلى المقعد النيابي تبدأ تصرفاتهم تتغير ويبدأ لديهم شعور بالعظمة والتعالي ويصبح لديهم اعتقاد بأنهم من طينة غير طينة المواطنين؛ فالأبواب يجب أن تفتح أمامهم على مصراعيها والمسؤولون يجب أن يتعاملوا معهم بشكل مختلف عن كل المواطنين، وإذا أراد أحدهم زيارة أحد المسؤولين فلا يقبل بأن يعطى موعدا بل يجب على المسؤول أن يعطل جميع أعماله وأن يلغي مواعيده وارتباطاته حتى يتفرغ لهذه الزيارة الفجائية الكريمة ويستقبله على الفور، وإذا ما اعتذر هذا المسؤول عن استقبال النائب المحترم بسبب ضغط العمل أو لأن لديه اجتماعا وقيل له بأن بإمكانه أن يأتي غدا، فالويل لهذا المسؤول؛ إذ يقوم هذا النائب بالبحث عن أي سلبية ولو كانت صغيرة في وزارة أو مؤسسة هذا المسؤول ثم يوجه سؤالا أو عشرة أسئلة لرئيس الوزراء عن وزارة أو مؤسسة هذا المسؤول ويخلق إشكالات لها أول وليس لها آخر، ولدينا العديد من الأمثلة على ما نقول، لكننا نتحفظ على ذكرها احتراما منا للإخوة النواب الذين نتحدث عنهم.
أما إذا راجع أحد النواب الذين نتحدث عنهم إحدى الوزارات أو المؤسسات وكان السبب الذي جاء من أجله يتطلب الوقوف على الدور مع باقي المواطنين فهنا الطامة الكبرى فنجد هذا النائب يرفع صوته عاليا ويصرخ ويتصرف بشكل غير حضاري وغير لائق أحيانا ويرفض أن يقف على الدور؛ لأنه يعتبر نفسه من طينة غير طينة المواطنين الذين انتخبوه وأوصلوه إلى المقعد النيابي ثم يوجه في اليوم التالي سؤالا لمسؤول الدائرة أو المؤسسة التي راجعها فقط؛ لأنه لا يقبل أن يقف على الدور.
من المفروض أن الإخوة النواب هم من صفوة المجتمع ولهم كل الاحترام والتقدير من أبناء شعبهم الذين انتخبوهم لذلك فإن نظرة الناس اليهم تختلف عن نظرتهم للآخرين باعتبار أنهم القدوة لهم، لذلك فإن أي تصرف لأي نائب خارج عن السياق الاجتماعي أو الأعراف المتبعة يكون مستهجنا وفجا وغير مقبول على الإطلاق وهذا التصرف يسيء له كثيرا ويهز صورته أمام قواعده الإنتخابية.
مجلس النواب هو السلطة التشريعية والرقابية على الحكومة وعلى جميع وزارات ومؤسسات الدولة وهذا الدور أعطاه إياه الدستور لكن يجب أن يحترم كل نائب هذا الحق وأن يتعامل معه على أساس مصلحة الدولة ومصلحة المواطنين وأن لا يسمح للحكومة بالتغول على الشعب أو لأي مسؤول باستغلال منصبه لأغراضه الشخصية أو لأغراض خارجة عن الهدف الذي وجدت من أجله المؤسسة التي يرأسها لكن من غير المقبول أبدا أن يجير أي نائب السلطة الرقابية التي منحه إياها الدستور لأغراضه الشخصية فيوجه الأسئلة للمسؤولين ليس لأن هناك خللا في وزاراتهم أو مؤسساتهم بل لأن المسؤول اعتذر عن استقباله أو لأنه يريد معاملة خاصة تختلف عن معاملة باقي المواطنين.
الدستور - الثلاثاء 21 أيار / مايو 2019.