الانتخابات المبكرة في إسرائيل: كلاكيت 2
هي سابقة – ربما- في تاريخ الانتخابات الإسرائيلية ... نتنياهو يفشل في تشكيل ائتلاف حكومي، وبدل أن يعمد إلى إعادة «الأمانة» إلى رئيس الدولة، ليكلف زعيم الحزب الذي يلي الحزب الفائز في الانتخابات بتشكيل حكومة جديدة، عمد إلى تسريع التصويت في الكنيست لإجراء انتخابات مبكرة ثانية في أيلول/سبتمبر، لقطع الطريق على بيني غانتس، ولتجريب حظوظه في الحصول على ائتلاف يميني أوسع وأكثر استقراراً.
أربع حكومات ليست كافية بالنسبة لـ»بيبي» الذي يرغب في تسطير رقم قياسي يفوق ذاك الذي سجله «الآباء المؤسسون» لدولة الاستعمار والعنصرية في الحكم ... يريد حكومة خامسة، مهما كلف الثمن، ومهما تهافت الوسائل ... حتى وإن قيل في وصفه بأنه «مشروع ديكتاتور صغير»، وأنه يقضي على «الديمقراطية» في إسرائيل، بتوظيف أدواتها، كما يفعل ديكتاتوريين كثر، وصلوا للحكم من خلال صندوق الاقتراع، ولم يعدموا وسيلة للبقاء على رأسه، بعد أن يكونوا قد أتقنوا فنون «التحشيد» والتعبئة» و»عقد الصفقات الرديئة» وغيرها.
هي معركة نتنياهو الأخيرة، شخصياً وسياسياً ... هو يعرف ذلك أتم المعرفة، وخصومه وحلفاؤه يدركون هذه الحقيقة إدراكاً عميقاً ... واحدة من أسباب تصلب ليبرمان في مفاوضات تشكيل الائتلاف، أنه لا يريد منح نتنياهو فرصة لحكم إسرائيل لعشرية قادمة من السنوات ... وواحدة من أسباب رفض قادة «أزرق أبيض» لقرار الانتخابات المبكرة، فقدانهم لفرصة تشكيل الحكومة، وإخراج نتنياهو من الحكم لكل أو لبعض الوقت حتى الانتخابات المقبلة ... جميع هذه الرهانات سقطت، بعد أن قفز نتنياهو إلى «أغلبيته» في الكنيست بحثاً عن مخرج.
نتنياهو يعرف أن عودته لرئاسة الحكومة هو «طوق نجاة» له من مسلسل الفضائح التي تطارده وتحاصره ... ونتنياهو يعرف أنه مستقبله السياسي رهن بقدرته على تشكيل حكومة خامسة ... بهذه الروحية القتالية، خاض الانتخابات الفائتة، وبها ذاتها، سيخوض الانتخابات المقبلة ... وهو استعد للمواجهة مع جميع خصومه ومنافسيه، حتى من داخل «المعسكر اليميني» بتوقيع اتفاق مع «كولانو»، لإدماجه في قوائم الليكود للانتخابات المقبلة ... الرجل يدخل في معركة كسر مع اليسار واليمين في إسرائيل، المهم أن يظل في موقعه، وأن يبقى جالساً على رأس الحكومة والائتلاف.
لا نتوقع حراكاً كبيراً في خريطة التحالفات والائتلافات في الانتخابات المقبلة ...بعض الأحزاب والصغيرة، العربية واليهودية، ربما تتعلم من دروس هزيمتها أو خساراتها في الانتخابات الفائتة ... نأمل أن تستيقظ الأحزاب العربية على دروس الانتخابات الماضية، فتضع خلافاتها جانباً، وتخوض غمار الانتخابات اللاحقة بقائمة موحدة ... ولا نستبعد أن تستفيد بعض أحزاب «أقصى اليمين» من دروس فشلها في اجتياز عتبة الحسم، كأن يجد نفتالي بيت وإيليت شاكيد من يتحالفون معه لخوض غمار الانتخابات المقبلة ... لا أحسب أن انقلاباً في موازين القوى سيحدث في الكنيست المقبل، سيحتفظ معسكر اليمين بصدارته، وستدور المعركة الانتخابية حول حفنة من المقاعد، ربما لن تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
سياسياً، قد يترتب على هذه الانتخابات، تأجيل الكشف عن صفقة القرن مرة أخرى ... مايك بومبيو سبق وأن قال إنها ستكشف في الصيف المقبل، وليس بعد رمضان، وربما يقال الآن في الخريف أو الشتاء المقبلين، وربما إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، فعام الانتخابات في الولايات المتحدة يطل برأسه، والصفقة ما زالت طي الكتمان – رسيماً على الأقل- فيما العالم برمته، ينتظرها بكثير من التحفظ والشكوك والرفض والريبة ... فهل تجد إدارة ترامب في قرار الكنيست إجراء انتخابات في أيلول، ذريعة لطي صفحة الصفقة، أم أن حبل التأجيل المتكرر سيظل ممدوداً؟
الدستور-