لماذا لا توزعون أرض الدولة؟
قبل سنوات، وفي عھد حكومة الدكتور عبدالله النسور، تم الإعلان عن قرار بتوزیع قطع أراض في منطقة قریبة من معان، وبحیث یستفید منھا اھل معان، والقرار لم ینفذ بسبب إشكالات كثیرة، تتعلق بحیثیات القرار، ونقد تفاصیلھ كون الأرض بحاجة إلى بنى تحتیة، وغیر ذلك من اعتراضات تتعلق بعدم حصول مناطق مجاورة لمعان، على ذات الامتیاز، عبر المساواة بین الجمیع. القرار كان جیدا، غیر انھ تعثر، ومنذ سنوات تم طرح المشروع من جدید، واذا كانت الاقتراحات في البدایة تحدثت عن منح قطع لكل المواطنین في كل مكان، الا ان اقتراحات أخرى بدیلة تدفقت وكان مضمونھا ان یبدأ الأردن بالموظفین المدنیین والعسكریین، العاملین والمتقاعدین، وھناك أفكار كثیرة، ومحاذیر تم الحدیث عنھا. غابت كل القصة، وما یزال البعض یقول إنھ لا یمكن تنفیذ ھكذا مشروع، لعدة اعتبارات، من بینھا ان ھناك مدنا ومحافظات لا یوجد بھا ارض للدولة تكفي لتنفیذ المشروع، او ان مساحة الأرض قلیلة ولا تكفي الكل، والبعض یتحدث عن إشكالات الواجھات العشائریة، وطرف آخر یتحدث عن المشكلة الأھم، أي عدم وجود بنى تحتیة، والحاجة إلى ملیارات الدنانیر لتطویر ھذه المناطق، من حیث فتح الشوارع، وتقدیم الخدمات وتأمین الكھرباء، وغیر ذلك. الحكومات لدینا تتذمر لیل نھار من وضع الخزینة، ولا تقدم شیئا للمواطنین تحت مبررات مختلفة، من بینھا ان الخزینة لا یوجد بھا مال من اجل التوظیف او زیادة الرواتب، واذا كان ھذا الواقع یبدو قائما، فإن ھناك بدائل، اذا تم تنفیذھا بطریقة قائمة على العدل والمساواة والتخطیط الجید، فإنھا ستقدم شیئا للناس، بدلا من ھذا الواقع الذي یتسم بالیأس وغیاب الامل، وعدم وجود غایة للحیاة. الحكومة الحالیة مدعوة للنظر في ھذا الملف مجددا عبر مسربین، أولھما توزیع قطع أراض من اجل البناء والإسكان، وتوزیع قطع اكبر، على الشباب، من اجل زراعتھا، ویمكن تكییف ھذا
المشروع، عبر بدایة مصغرة في كل محافظات المملكة، والبحث عن شركاء لتمویل وتطویر المساحات الكبیرة من الأرض، دون ان یكون دور الشركاء نھب المواطنین، كما یمكن تأسیس تعاونیات بین كل بضعة آلاف من المواطنین یشتركون في قطعة ارض واحدة، من اجل المساھمة في كلفة البنى التحتیة، او في حالات أخرى تأسیس شركة وطنیة عامة من اجل ھذه الغایة. ارض الدولة ممتدة من الشمال إلى الجنوب، وقد تكون اقل في بعض المناطق، ونقاط الضعف في ھذا المشروع متعددة، من بینھا معاییر التوزیع، ومن سیحصل على ارض او من لا یحصل، والفائدة من الأرض اذا بقیت بعیدة عن الخدمات او مھملة، او لا یتم تطویرھا بالشكل المطلوب والسریع، أیضا، وابرز نقاط قوة ھذا المشروع، منح المواطنین املا في حیاتھم، وتعمیر مناطق كثیرة، وتحریك قطاعات البناء والبنى التحتیة، وعدم ترك بعض المساحات في جنوب المملكة، تحدیدا، مفتوحة دون كتل سكانیة في وجھ الاحتلال الإسرائیلي، خصوصا، مع الھجرة المتواصلة من أبناء جنوب المملكة إلى عمان والزرقاء واربد، بحیث بات تفریغھا یجري یومیا جراء غیاب التنمیة، إضافة إلى ما یتعلق بقطع الأرض الزراعیة، التي سیؤدي توزیعھا إلى تشجیر مساحات واسعة من المملكة، وتدعیم القطاع الزراعي، وغیر ذلك من اھداف. الذین یعترضون على ھكذا مشروع، یقولون إن غیاب العدالة عنھ امر وارد، فلماذا یتم منح مواطن قطعة ارض للسكن او الزراعة واستثناء آخر، والسؤال منطقي، وھذا یفرض وضع معاییر عادلة ومقبولة، بحیث لا یمكن الطعن بھا وبدوافعھا، ویمكن ھنا، العودة إلى التجربة المھمة للرئیس النسور، وإلى شخصیات من معان، لمعرفة السبب الذي جعل الحكومة تتراجع عن المشروع، للاستفادة من تجربتھا ھنا، في صیاغة مشروع جدید. ارض الدولة لھذا الشعب، وبقاء ھذه المساحات فارغة، دون تطویر او استثمار، امر سلبي جدا، ویعبر عن كوننا بتنا بلا طموح، وكأننا اكتفینا بما نحن فیھ، وھذه دعوة مباشرة لتوزیع ارض الدولة على المواطنین، وصیاغة مشروع متكامل في ھذا الصدد.
الغد