فريق وطنيّ للتفاوض مع الصندوق
ستكون الحُكومة نهاية الشهر المُقبل على موعد مع المراجعة قبل الأخيرة لِبَرنامجها الائتمانيّ مع صندوق النقد الدوليّ الذي ينتهي العمل به فعليّاً في الربع الأول من العام المُقبل بعد أن كان قد جرى تمديده في حزيران الماضيّ.
المُراجعة المُقبلة في غاية من الأهمية كونها، أولاً: تأتي بالتزامن مع إعداد الحُكومة لِمَشروع قانون موازنة 2020، والذي سيتم تقديمه لِمَجلس النواب في الدورة العاديّة المُقبلة، وبالتالي ستكون فَرَضيات الموازنة تحت المجهر خاصة وأن غالبية فَرَضيات موازنة 2019 لم تتحقق، وهي بالأصل تم إعدادها بالتعاون مع الصندوق وضمت فرضيّات وتَفاهُمات مُشتركة.
في ضوء المُراجعة المُقبلة للصندوق سيكون هُناك فُرصة كبيرة للجميع لتقييم غالبية إجراءات الحُكومة التي اُتخذت في ظل اتفاق الصَندوق خلال السنوات الثلاث الماضيّة (2016-2019) والتي تضمنت مجموعة كبيرة من القرارات الماليّة التي كانت تهدف أولاً وأخيراً إلى تحصيل (450-520-560) مليون دينار خلال سنوات البرنامج الثلاث الأخيرة.
مَطلوب من الحُكومة إنهاء الجدل الحاصل في الشّارع بإعلان دراسة تقييميّة بقراراتها ضمن اتفاقها مع الصندوق فيما إذا كانت قد تحققت العوائد السابقة أم لا، فالبعض يرى أن تراجع الإيرادات الحكوميّة سببه الإجراءات الماليّة التي كانت اتخذتها الحُكومات التي التزمت حرفيّاً ببنود اِتفاق الصندوق، وهناك رأي اقتصاديّ يرى أن الحُكومة كانت قد أخطأت بِفرضِ مزيد من الضرائب في هذه الفترة الحاليّة، والسبب في ذلك أن هذا الإجراء سَيُعمق من حالة التباطؤ الاقتصاديّ، ويستندون على ذلك بما حدث فعليّاً اليوم في إيرادات الخزينة ونُمُوّ البطالة.
حالة الاحتقان الراهنة في الشّارع تتطلب من الحكومة إعادة النظر في عمليتها التفاوضيّة مع صندوق النقد الدوليّ خاصة وأن الاتجاه على ما يبدوا يَسير نحو اِتفاق جديد مع الصندوق يُغطي السنوات الثلاث القادمة.
هُنا يَقع على الحُكومة إعادة ترتيب فريقها التفاوضيّ وتدعمه بالقوة غير التقليديّة لِتُساندها في عمليات التفاوض المُقبلة بطرح جديد يَشرح الحالة الراهنة في الشّارع ومأزق الثِقة معاً للحُكومة وعدم إحراز التقدم المنشود في الشأن الاقتصاديّ على صعيد النُمُوّ.
أيّ فريق تفاوضيّ غير تقليديّ اليوم سيكون أمامه حقائقه تدعم مَطالبهُ بدعم الأردن من ابرزها:
1 - أن جميع البرامج الأخيرة بين الأردن والصندوق لمّ تُحققّ النُمُوّ المُستدام، وأنها كانت برامج جبائيّة بالدرجة الأولى بَعيدة كُلّ البُعد عن النُمُوّ المُستدام، بدليل أن كُلّ مُعدّلات النُمُوّ المُتحقق خلال عمل البرامج لا تتجاوز الـ2 بالمئة.
2 - الأردن لمّ يتلق الدعم الموعود به من قبل المانحين على استضافته لأكبر حجم لاجئين في العالم، وجميع التعهّدات التي خرجت بها مؤتمرات الكويت ولندن ولوكسمبورغ لم تقدم للمملكة سوى 30 بالمئة من تلك التعهدّات، في حين تكبدت الخزينة أعباء ماليّة كبيرة جراء عمليات الاستقبال للاجئين خاصة السوريين، مما ساهم في تنامي عجز الموازنة.
3 - حالة عدم الاستقرار في المنطقة لم تدعم جهود المملكة في جذب المستثمرين، وأن الكثير من حالة عدم اليقين في المناخ الاستثماريّ عائد للعوامل الخارجيّة غير المواتية لِنُمُوّ بيئة الاستثمار في المملكة.
4 - كثير من القرارات الماليّة التي اُتخذت في ضوء اِتفاق الصندوق مع الأردن لمّ تكّن بالشكل المُستهدف، لا بل إنها تراجعت بشكل واضح مما تسبب في تراجع الإيرادات المحليّة مثل ما هو حاصل في ضريبة السيارات الأخيرة والتي أثارت جدلاً واسعاً في المجتمع.
5 - تنامي حالة الاحتجاج الشعبيّ وازدياد ثقافة الاستياء من كُلّ شيء من قبلِ الشّارع يجب توظيفها مع المانحين وأصدقاء الأردن الدوليين وتبيان جديتها والنار التي يتحملها المواطن الذي يواجه أعباء ماليّة متزايدة يوما بعد يوم، مما أثرت على أمنه المعيشيّ، وأن الأمر يتطلب نهوضا واستقرارا له.
كُلّ المعطيات السابقة تتطلب تشكيل فريق وطنيّ من مُختلف الجهات للاستعداد للتفاوض المُقبل مع الصندوق الوطنيّ يُساهم الجميع بمخرجاته، وبالتالي يكون الجميع على درجة واحدة من المسؤوليّة في اتخاذ القرارات للمرحلة المُقبلة.
الدستور -