الإنهاك والتآكل البطيء.. الاستراتيجة الأمريكية في إخضاع الشعوب
نعم إنهم أبالسة الأرض يسعون لإخضاع الشعوب ببث الفرقة ورعاية من ينفذون لهم مآربهم في البلدان المستهدفة لتنهكها وتحطم دولها القائمة بخلق صدوع وشروخ وصراعات داخلية تنخر كياناتها دون النظر أو الاهتمام بما سيترتب عليها من دمار اقتصادي وبنى تحتية أو ما سيلحق بالمدنيين الآمنين من أطفال وكبار في السن من ضرر وخسائر في الأرواح والممتلكات وإعاقات جراء صنيعهم هذا.
فانظروا كيف تدار الحروب الأمريكية ضد الدول العربية والإسلامية في الشرق الأوسط ، هذا هو ديدن قادتهم الذين يسعون فيما يخططون ويرسمون في سبيل إخضاع الشعوب بعد إنهاكها باستخدام أسلوب الموت البطيء لقدراتها فتتركها خائرة القوى لا تقوى على الحراك أو عاجزة عن العودة لبناء قدراتها وهذا ما جرى في العراق وليبيا ويجري في اليمن وسوريا ومصر والبقية الباقية حبها على الطاحون خدمة للهيمنة الصهيو أمريكية.
هذا ما كشف عنه ضابط مخابرات أمريكي سابق يدعى البروفسور ماكس مانوارينج - خبير في كلية الحرب الأمريكية - حول الجيل الرابع من الحروب في محاضرة أقيمت في الدولة العبرية في كانون الأول من العام الماضي حضرها ضباط كبار من حلف الناتو والجيش الصهيوني.
أقوال هذا البرفسور توضح كل ما جرى ويجري من حروب وصراعات أهلية مسلحة في عالمنا العربي والصراعات المفتعلة مع محيطها الإسلامي.
استهلها البروفسور بالقول بأن أسلوب الحروب التقليدية صار من الماضي، والجديد هو الجيل الرابع من الحرب.. ومما قاله حرفياً ليس الهدف من الحرب تحطيم المؤسسة العسكرية لإحدى الأمم، أو تدمير قدراتها العسكرية، بل الإنهاك - التآكل البطيء لكن بثبات فالهدف من ورائها وفق ما جاء في أقواله إرغام العدو على الرضوخ لإرادتهم بزعزعة الاستقرار وهذه الزعزعة ينفذها مواطنون من الدولة العدو لخلق الدولة الفاشلة، وهكذا يستطيعون التحكم بكل مفاصل الدول... وهذه العملية تنفذ بخطوات ببطء وهدوء وباستخدام مواطني دولة العدو، لأنه في حال استيقاظه فإنه يستيقظ ميتاً.
ومعنى التآكل البطيء وفق قوله خراب متدرج للمدن، وتحويل الناس إلى قطعان هائمة وشل قدرة البلد العدو على تلبية الحاجات الأساسية، بل تحويل نقص هذه الحاجات إلى وجه آخر من وجوه الحرب، وهو عمل مدروس ومنظم بدقة..
ولا يهم هذا البروفسور ما تخلفه هذه الحروب من خسائر بشرية تلحق بالأطفال وكبار السن داعياً الجنرالات عدم ترك المشاعر تتحكم بهم لتحول بينهم وبين تحقيق الهدف.
فاستراتيجية الانهاك وفق قوله تعني نقل الحرب من جبهة إلى أخرى، ومن أرض إلى أخرى، واستنزاف كل قدرات الدولة العدو على مراحل متباعدة، وجعل « الدولة العدو» تقاتل على جبهات متعددة محاصرة بضباع محليين من كل الجهات، والتخطيط لتسخين جبهة وتهدئة جبهة أخرى، أي استمرار إدارة الأزمة وليس حلها.ولكي لا يتم انهيار الدولة السريع، لأن الانهيار السريع يبقي على كثير من مقومات ومؤسسات الدولة والمجتمع، وبالتالي فإن أفضل الطرق هو التآكل البطيء، بهدوء وثبات عبر سنوات من خلال محاربين»محليين شرسين وشريرين» كما يقول هو، بصرف النظر عن وقوع ضحايا أبرياء لأن الهدف هو السيطرة وتقويض الدولة والمجتمع أهم من كل شيء، أي محو الدولة والمجتمع عبر عملية طويلة..
من المؤسف أن ما يعترفون به من استهدافنا ويعلنون عنه ما نراه بأعيننا، ويطبق بأيدي نفر من بني جلدتنا بيافطات صاخبة من حقوق الانسان والديمقراطية، والحرب على الإرهاب..
فما يخطط له الأعداء من بث روح الخلاف والاختلاف وتحويله لنزاع وصراع واقتتال داخلي سواء بين فئات الدولة أو بين الدول والشعوب يهدف القضاء على مقدراتها في منطقتنا و تحويلهم الى تابعين لا حول لهم ولا قوة، فهل نحن مدركون لخطورة ما يجري ونعي جيداً ما وراءه ففي حال استمر هذا النهج يكون الهدم لمجتمعاتنا ودولنا القائمة لصالح أعدائنا بأيدينا، فالإصلاح لا يكون بتخريب بيوتنا بأيدينا بل بزرع الأمل والتعاون البناء في بناء دولنا ومجتمعاتنا فما اجتمعت أمة على خير إلا وكان سموها ورفعتها والسبيل لخلاصها من كل الأدران والتبعية ورد كيد الكائدين إلى نحوهم.
كلمة أخيرة أقولها حبذا لو استفدنا مما يقوله هذا البروفسور باستخدامهم ذات الأسلوب في صراعنا مع عدونا الصهيوني ببث روح الخلاف والاختلاف بين مكوناته، فهم حقيقة تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى..
الدستور -