الإنجازات الطبية غير موثقة
قبل عدة سنوات كنا نقرأ بشكل مستمر في صحفنا عن بعض الأطباء الذين حققوا بعض الإنجازات الطبية غير المسبوقة، فالطبيب «س» استطاع إجراء عملية نادرة والطبيب «ص» استطاع استئصال ورم من جسم أحد المواطنين بأسلوب أيضا غير مسبوق وهنالك عدد من الأطباء أمثال هذين الطبيبين حققوا إنجازات طبية مذهلة وكل هذه الأخبار سربها للصحف نفس هؤلاء الأطباء ولم تتحقق من هذه الإنجازات وزارة الصحة أو نقابة الأطباء، وعندما كثرت هذه الأخبار في صحفنا اليومية ازداد التذمر من قبل بعض الأطباء الملتزمين الذين شعروا أن هؤلاء الأطباء الذين ينشرون الأخبار عن إنجازاتهم في الصحف الأردنية إنما يقومون بالدعاية لأنفسهم بأسلوب غير مقبول وهذا ما دعا وزارة الصحة ونقابة الأطباء في ذلك الوقت إلى منع نشر أي خبر عن إنجازات طبية مزعومة من قبل أي طبيب تحت طائلة المسؤولية.
لكن يبدو أن حليمة عادت لعادتها القديمة في غياب الرقابة سواء من قبل وزارة الصحة أو نقابة الأطباء فقد قرأنا قبل فترة غير بعيدة أن أحد الأطباء استطاع أن يشفي عشرين حالة مرضية من مرض معروف ومشهور ومستعص وهذا الإدعاء يحتاج بالطبع إلى إثبات علمي وإلى تجارب طويلة الأمد على الدواء الذي أشفاهم قبل أن يقرر هذا الطبيب صاحب الخبر أن لديه دواء ناجعا يشفي هذا المرض المستعصي.
في دول العالم المتقدمة لا يسمح أبدا بنشر هذه الأخبار أبدا تحت طائلة المسؤولية القانونية وأي إنجاز طبي يجب أن تتحقق منه الجهات الطبية والعلمية بحيث تجري تجارب على عدد من المرضى لمدد قد تصل إلى السنة أو أكثر فإذا ما نجحت هذه التجارب يمكن بعدها إعلان هذا الإنجاز الطبي.
أما الدواء الذي اكتشفه الطبيب فإن مؤسسات الدواء في البلدان المعنية يجب أن تتأكد من فعاليته وذلك عن طريق دراسته وتجريبه وإذا ما ثبتت صحة الاكتشاف يعلن عن هذا الدواء ويسمح باستخدامه للمرضى المحتاجين.
في بلدنا مع الأسف يستطيع أي طبيب أن يعلن عن اكتشاف دواء مهم أو عن إجراء عمليات نادرة أو عن إنجاز طبي غير مسبوق بدون أن يسأل من أية جهة كانت وقد أعلن أحد الأطباء العامين قبل عدة سنوات في إحدى الصحف بأنه يستطيع شفاء حوالي عشرين مرضا نصفها تعتبر أمراضا مستعصية وذلك بواسطة الأعشاب ولم تتحرك أي جهة صحية لمحاسبة هذا الطبيب إلا بعد أن كتبنا عنه في هذه الزاوية.
بلدنا والحمد لله متقدم في المجال الطبي ولدينا أطباء قد يكونون من أفضل الأطباء في قارة آسيا كما لدينا مستشفيات حديثة بها أجهزة طبية من أفضل الأجهزة في العالم والأردن يستقطب آلاف المرضى كل عام من دول عربية وغير عربية ليتعالجوا في مستشفياته لذلك يجب أن نحافظ على هذا المستوى الطبي الذي وصلنا إليه ونحن بالتأكيد نسعد عندما نسمع عن أي إنجاز أو اكتشاف طبي لكن هذا الإنجاز أو الاكتشاف يجب أن يثبت علميا من قبل الجهات الطبية والصحية المعنية.